رغم التحولات الإيجابية في وضع ظاهرة العنف ضد المرأة في الوطن العربي إلا أنه لا تزال هنالك أعداد مهولة من النساء العربيات اللواتي تتعرضن للعنف من قبل الشريك، فما شكل العلاقة بين الرجل والمرأة في حال دخل العنف اللفظي أو الجسدي بينهما؟
ما هي أسباب تعنيف الرجل للمرأة؟
تقول الدكتورة “سماح جبر” رئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، لا يوجد أسباب منطقية ومبررات لتعنيف الرجل زوجته على الإطلاق لكن هناك توصيف اجتماعي للمجتمعات التي يصير فيها العنف واضح بين الرجل والمرأة حيث يحدث هذا التعنيف عندما يكون هنالك خلل كبير في توازن القوى بين الرجل والمرأة وهذا لا يُفسر فقط بالقوة العضلية وإنما بالقوى المالية والسياسية والقانونية للرجل مقارنة بالمرأة.
إلى جانب ذلك، يمكن للجهل والثقافة الراكدة أن تكون سبباً رئيسياً في زيادة هذه الظاهرة السلبية بين الرجل والمرأة بالإضافة إلى الظروف التي تحيط بالمجتمع بشكل عام مثل الحروب ووجود اللاجئين بجانب الضعف الاقتصادي الذي يشعر فيه الرجل بالإحباط ولا يستطيع أن يحصل على الرضا الذاتي كإنسان فاعل في المجتمع وتكون المرأة معتمدة على الرجل بشكل كبير ويحاول الأهل حينئذ بتزويج بناتهم بشكل عاجل للتخلص من العبء الاقتصادي المُلقى عليهم، وهذه هي بعض الصفات الاجتماعية التي تشير إلى نوعية المجتمعات التي بها تعنيف أكبر.
ما مدى وصول العلاقة بين الرجل والمرأة مع وجود العنف بينهما؟
بغض النظر عن نوع التعنيف سواء كان لفظي أم جسدي أو سيكولوجي فهو يحد من إنسانية طرف المعادلة سواء كان الرجل أو المرأة لأنه في أغلب الحالات يكون الرجل هو المعنِّف ولكن هناك بعض الحالات الأخرى التي يحدث فيها العكس.
يمكننا القول كذلك بأن العنف له وطأة إنسانية كبيرة على جميع أفراد البيت وخاصة الأطفال، فالمرأة التي لا تستطيع أن تقف لتدافع عن حقها كإنسانة لها حقها في كامل الاحترام والإنسانية تعكس تلك الحالة التي تتعرض لها على الأطفال، وهناك بعض الدراسات التي تشير إلى أن الأطفال الذين يعيشون في بيوت بها عنف بين الأبوين يعيش 60% منهم باضطرابات نفسية.
لماذا يخفي الزوج العنف على زوجته عن المجتمع؟
إن العنف يعتبر شيء مشين لا محالة وبالطبع فإن الرجل في مجتمعه يحاول دوماً أن يخفي هذا الفعل الآثم طيلة الوقت للحفاظ على صورة اجتماعية إيجابية – وفق ما تراه الطبيبة النفسية.
في بعض الحالات التي درسناها قالت المرأة بعدما ضُربت من زوجها على عينيها أن الزوج قام بإحضار المكياج لها لتضعه في مكان الأذى لإخفاء علامات العنف وهذا لأن الرجل يدرك في نفسه أن هذا العمل شيء مشين والأصل أن يخفيه ويشعر بالذنب تجاهه ويتلقى المساعدة ليمنع نفسه من تكرار هذا الحدث والفعل المشين مرة أخرى.
ما مدى مسئولية المرأة عن العنف الذي يُمارس ضدها؟
بدون شك فإن المرأة هي جزء من المجتمع كما أن المجتمع ككل مسئول عن ظاهرة التعنيف حيث تكون هنالك ثقافة في المجتمع والتي تقبل هذه المعادلة المختلة بين الرجل والمرأة، فإذا كانت المرأة لا ترفض هذه الظاهرة أو لا تتسامح معها قد تكون هي السبب في تفاقم وزيادة وتكرار ظاهرة العنف الذي يُمارس ضدها.
تابعت ” جبر “: قد تقبل المرأة بكافة أشكال العنف اللفظي والجسدي الذي يمارسه الرجل ضدها بدافع الخوف ولكن هذا الخوف غير مبرر إطلاقاً.
على الجانب الآخر، هناك بعض البلدان ضعيفة القوانين التي تحمي حقوق المرأة من العنف الممارَس ضدها من جانب الرجل ومن ثم يخاف هؤلاء النساء من الإبلاغ عن حالات العنف ومن ثم تسمح هذه الحالات لتكرار ظاهرة العنف ضدها مرات أخرى.
وأخيراً، للتقليل من حالات العنف ضد المرأة يجب سن قوانين قوية تأخذ للمرأة حقها في حالة تعرضها للعنف مع وجود جمعيات ومؤسسات حقوقية ترعى هذا الأمر بجانب ضرورة تثقيف الرجل والمرأة بحقوقهما المختلفة عن بعضها البعض وأثر ذلك العنف على الأبناء فيما بعد.
أما عن دور رجال الدين ودورهم في زيادة ظاهرة العنف ضد المرأة فإنني لا أعتقد أن للدين دخل من قريب ولا من بعيد بهذا الأمر ولكن المشكلة هي مشكلة ثقافية لنظرة الرجل للمرأة يشترك فيها بعض المتدينين وغيرهم من غير المتدينين.