تشكوا بعض الزوجات من تعامل أزواجهن القاسي والمؤذي لفظياً ومعنوياً وهو الأمر الذي يجب أن يرفضه كل الأزواج قبل الزواج لما في هذا التنمر من عواقب وخيمة يشعر بها الشخص فيما بعد والتي قد تهدد إقامة أو استمرار هذه العلاقة بينه وبين شريكه المتنمر.
يبقى الخطر الأكبر هو ممارسة الزوجين لمثل هذه السلوكيات المرفوضة والمتنمرة أمام الأطفال الصغار الذين يكبرون ولكن في نفس الوقت يكبر بداخلهم سلوك التنمر أو نقد الآخر ظناً منهم أن هذه الطريقة هي المثلى لفرض الشخصية على الطرف الآخر.
ما هو مفهوم التنمر بين الأزواج وما هي أسبابه؟
ترى الدكتورة إيناس بن سليمة ” أخصائية في علم النفس ” أن التنمر هو شكل من أشكال العنف حيث يقوم الزوج بهذا السلوك بالإساءة للزوجة ونقدها والتعامل معها بصورة غير سوية أو العكس، وهنا تكون العلاقة بين الزوج والزوجة يملأ أرجائها الضغط النفسي والضغط العاطفي، وهذه الطريقة إما أن تكون عن عمد أو دون قصد عندما يوجه لها الزوج بعض الكلمات الساخرة أو الجارحة أو الكلمات التي تعتمد في الأساس على ذم الشريك، ومن ثم يعيش الزوجان في علاقة غير سوية بينهما نتيجة هذا التنمر.
مضيفةً: هناك أسباب عديدة لظاهرة التنمر بين الزوجين وهي:
- أسباب شخصية، حيث يود أحد الزوجين السيطرة على علاقته مع الآخر، كما أن هذا التنمر في هذه الحالة عادةً ما يبدأ قبل الزواج حين يحاول الشريك أو الشريكة فرض شخصيته على شريكه الآخر وفرض السيطرة الكاملة على هذه العلاقة من خلال مراقبة السلوكيات الكاملة للشريك.
- عدم الثقة في النفس، وهو الأمر الذي يجعل الشريك أو الزوج يتنمر على زوجته أو العكس، وفي هذه الحالة قد يكون الشريك قد عاش قبل الزواج مرحلة عدم الثقة في النفس، كما أنه يشعر بالتهميش والذم داخل العائلة التي لم تترك له الفرصة للتعبير عن رأيه، وهنا حين يشرع الشريك في الدخول في علاقة زوجية مع الطرف الآخر يعمل جاهداً على أخذ الثقة في نفسه، ومن ثم يحاول أن يسيطر على هذه العلاقة برمتها بينه وبين شريكته، ويدخل للحياة الأسرية الجديدة بسيطرة كبرى فيها لوم ونقد وإيذاء نفسي وعاطفي للطرف الآخر.
- الخوف من الخيانة.
- الخوف من فقدان الشريك سواء للرجل أو المرأة حيث ينتاب بعض الشركاء إحساس عدم الأمان أو إمكانية فقدان الشريك لأي من الأسباب المختلفة، وهنا يلجأ الزوج إلى إقامة ضغوطات هائلة على المرأة متنمراً عليها وعلى سلوكياتها التي تقوم بها محاولاً بذلك فرض السيطرة الكاملة عليها وعلى علاقته بها.
- التدخل الأسري أو العائلة الذي يجعل الزوج أو الزوجة يتعامل كلاهما بالتنمر مع الآخر.
وهذه الأسباب بشكل مؤسف هي موجودة في كافة دول العالم العربي في هذه الآونة، ومن ثم يجب التخلص منها للتمتع بحياة زوجية مستقرة.
كيف للزوجة أو الزوج أن يرفض التنمر عليه؟
هناك طريقة تعامل قد تكون مثالية من أحد الزوجين عند التنمر عليه من الطرف الآخر، لذلك يجب أن تكون طريقة التعامل في بداية العلاقة حين يبدأ الطرف الآخر التحرش به ويسأله أسئلة خاصة هي الرفض حيث يجب أن تكون هناك ردة فعل عنيفة تجاه مثل هذه الأمور في بداية العلاقة بين الشريكين.
عند ممارسة الزوج لسلوك التنمر على الطرف الآخر فإن ذلك يقلل من شخصيته تدريجياً أمام الطرف المتنمر أو العائلة والمحيطين به خارجياً، وهنا تُعد الضحية هي من يُتنمر عليها حين تصمت وتقرر عدم أخذ أي ردة فعل تجاه هذا السلوك المتنمر أو الجارح والمؤذي لها نفسياً وعاطفياً بسبب عدم الثقة في النفس أو الشخصية الضعيفة، ومن ثم تتحمل هذا التنمر، لدرجة أن الشخص الذي يمارس سلوك التنمر على شريكه يزيد من هذا الفعل ومن فرض شخصيته وسيطرته عليه.
هل يمكن أن يصل التنمر بالطلاق بين الزوجين؟
بالطبع يمكن أن يكون التنمر بين الزوجين سبب أساسي للطلاق بين الزوجين لأن الإنسان الذي يُمارس عليه هذا السلوك يتعرض إلى التهديد في الثقة في النفس وفي شخصيته كاملة ولا يستطيع أن يعبر عن آرائه أو أن يتكلم من الأساس، كما أن التنمر قد يوصل صاحبه إلى ردات فعل عنيفة تجاه من يتنمر عليه.
قد يقرر الشريك أن يصمت عن كل هذه السلوكيات الجارحة والمرفوضة متخيلاً أنه بذلك يعمل على توازن الأسرة، ولكن في نهاية المطاف يستطيع أن يرفض الشريك الإهانة ونقد الذات ومن ثم يقرر الطلاق أو الانفصال عن الطرف الآخر.
إلى جانب ذلك، قد تكون أحد أسباب التنمر بين الزوجين هو التفوق المهني أو المادي للشريكة عن شريكها، وهنا قد يلجأ الزوج إلى العنف الجسدي حتى ينتقص بهذا الفعل من قيمتها وشخصيتها بينهما أو أمام الآخرين، ومن ثم يتميز هؤلاء الأزواج الذين يلجئون إلى مثل هذه السلوكيات إلى حب الذات أو الأنانية الزائدة.
كيف يؤثر التنمر على الأطفال؟
إن الأطفال الذين يعيشون في بيئة يتنمر فيها الأب على الأم أو العكس يؤثر ذلك عليهم من أكثر من جهة:
- قد يصبح الأطفال الذي يعيشون وسط أبوين متنمرين مشروعاً حيوياً للتنمر فيما بعد.
- التعرض للضغط النفسي الكبير وسط العائلة نتيجة الصياح وعدم التفاهم بين الزوجين.
- عدم قدرة الأطفال على التواصل الجيد مع أفراد العائلة نتيجة التنمر بداخل هذه العائلة.
- الشعور في بعض الأحيان بمسئولية الأطفال أنفسهم عن هذه السلوكيات العنيفة المتنمرة بين أبويهم، وهو ما يخلق بداخلهم عبئاً أو ذنباً نفسياً كبيراً والذي يمكن أن يؤثر على تركيزهم وشخصيتهم أو مستواهم الدراسي في بعض الأحيان.