يُعتبر الإجهاض بمثابة صَدمة كبيرة لأنّه يُمكِن أن يتسبّب في ترك أثر بالِغ على الأمّهات اللاتي تمرّ بفقدان الجنين، حيث تمر واحدة من أصل ٦ سيدات بفقدان جنين ومن ثم أعراض توتر وضغط عصبي.
وفق دراسة بريطانية، فإن النساء اللاتي يمرن بحالة من حالة إسقاط الجنين أو حمل خارج الرحم، فإنهم يحتاجون إلى رعاية خاصة لأن المرأة حينئذ تعاني من أعراض الاكتئاب واضطراب نفسي واضح، كما أن الحامل التي أُجهضت يجب التعامل معها بشكل سريع حتى لا تمر بنوبات اكتئاب حادة قد تصل إلى حد الانتحار خاصةً للأم التي تتكرر معها حالة الإجهاض.
كيف يؤثر الإجهاض على الأم!
حذر الأطباء في الكلية الملكية في لندن من أن النساء اللاتي تعرضن للإجهاض أثناء الحمل يواجهن خطر الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة، وظهر هذا الاضطراب على ثلث النساء اللاتي فقدن الجنين في مرحلة الحمل المبكرة.
ويُصنّف هذا المرض على أنه مرض نفسي يتسبب في اهتزاز فهم الشص لذاته والعالم من حوله والتي تشكل أحاسيس العجز لديه، وينتج إجراء ذلك تعرض الشخص أو المقربون منه لحادث كارثي أو أكثر، وتهديد للحياة، وتظهر الأعراض النفسية والجسدية في غضون نصف عام بعد الحدث الصادم خاصةً على الزوجات الصغيرات في العمر أو من هم في أول سنوات حياتهم الزوجية.
كيف يمكن للمرأة التي تعرضت للإجهاض أن تقوي من نفسيتها!
تقول الدكتورة شيماء الكمالي “أخصائية طب الأسرة” أن أكثر الأمهات اللاتي تعرضن للإجهاض حتماً سيعانون من أعراض الاكتئاب الحادة وهم من فئة حديثي الزواج أو صغار العمر أو من أنجبوا الطفل الأول أو الثاني.
تعتبر تجربة الإجهاض هي تجربة صعبة تحمل الكثير من مشاعر الفقد والألم والندم في بعض الحالات من جانب الأم، فضلاً عن المشاعر السلبية والحزينة التي لن تستطيع تجاوزها بكل سهولة، لكن يجب المرأة الحامل الأخذ في بالها احتمالية نجاح الحمل أو فشله.
ففي الغرب، هناك نسبة كبيرة من الإجهاض هو إجهاض مخطط له، لكن في بلاد الشرق الأوسط أو الوطن العربي دائماً الإجهاض يأتي بشكل تلقائي وغير مخطط له، ومن ثم يجب علينا مهما بلغ بنا التفاؤل بالحمل أن نضع في اعتبارنا احتمالية الإجهاض أو سقوط الحمل.
هناك بعض الأمور التي يمكن القيام بها لزيادة فرصة نجاح الحمل من بينها:
- المتابعة الدورية مع الطبيب.
- ضرورة أخذ الأدوية والمغذيات الصحية في موعدها خاصةً حمض الفوليك.
الجدير بالذكر أن تجاوز محنة الإجهاض لن يكون على عاتق الأم أو الزوجة بمفردها، وإنما سيكون بمساعدة الزوج والأهل والأصدقاء والمحيطين، لأنه غالباً ما تترسخ مشاعر الحزن في نفسية المرأة بسبب ما يدور من حديث سلبي ممن حولها، ونتيجة عدم مساندة الزوج لزوجته التي أجهضت حملها كما ينبغي.
واقرأ عن مُنتج: بروستين اي ٢ Prostin E٢ | وهو للإجهاض، لجعل عنق الرحم جاهزا للولادة
دور الأهل والزوج والمحيط تجاه المرأة التي أجهضت حملها
كما ذكرنا سلفاً، فإن الزوج والأصدقاء والأهل يجب عليهم مساندة الأم التي تعرضت للإجهاض عن طريق اتباع الآتي:
- ضرورة أن يكونوا بجانبها طوال الوقت دون تركها بمفردها لأن الأم بعد الإجهاض تحاول أن تجرب العزلة عن المحيط، وهذا يؤثر عليها سلباً والدخول في أعراض الاكتئاب.
- الحديث مع الأم بشكل إيجابي يحفزها على الحمل مرة أخرى والاستبشار خيراً بما هو قادم في حياتها.
- تذكيرها بالثقة الدائمة بالله في تعويضها خيراً من الجنين التي فقدته.
- ذكر أمثلة لنساء لتعرضوا للإسقاط ثم أصبح لديهم أطفال كُثر.
- ضرورة تحمل الطاقة السلبية للأم المجهضة، لأن مثل هؤلاء السيدات لا يعملون بعد الإجهاض بكل طاقتهم، ويحاولون الخروج من وظائفهم وتركها، ولا تقمن بمهامهن المنزلية بعد الإجهاض كما كان من قبل.
- عدم جعل الأم تشعر بأنها المسئولة الرئيسية في هذا الإسقاط، ومن ثم تندم على عملية الإجهاض.
واقرأ هُنا مقالات مُتعلّقة بمشكلة الإجهاض
الآثار النفسية والصحية التي تتعرض لها المرأة بعد الإجهاض
تتفاوت المشاعر السلبية والاضطرابات النفسية عند المرأة بعد الإجهاض خاصةً إن كان الحمل غير مخطط له، لكن الأغلبية من النساء يعشن إحساس الفقد والحزن والندم ولوم النفس بأن المرأة نفسها هي المسئول الأساسي وراء هذا الإجهاض.
أما عن الجانب الجسدي، فبالتأكيد أن هرمونات الحمل لها انعكاس أساسي على صحة المرأة، وهذه التغيرات لن تستقر سريعاً، وإنما ستؤثر على جسدها وصحتها وقوتها في تحمل الحياة الطبيعية وأعبائها، خاصةً وأن الإجهاض قد يصاحبه إجراء عملية جراحية علاجية.
وقد يصاحبه أيضاً نزيف قوي من جانب الأم يتسبب في فقر الدم، ومن ثم قد تحتاج المرأة حينئذ إلى عملية نقل للدم، لذلك يحتاج الإجهاض ما يقرب من ٦ أشهر حتى تستعيد فيها المرأة صحتها الجسدية والنفسية مرة أخرى.
هل تختلف حالة الأم المجهَضة في الحمل الأول عن الحمل الثاني والثالث؟
من الناحية الطبية والهرمونية والجسدية، فإن آثار الإجهاض هي واحدة عند كل السيدات، لكن من الناحية النفسية للمرأة فإن آثار الإجهاض تختلف من السيدة التي حملت للمرة الأولى عن المرة الثانية والثالثة، لأن الإجهاض في الحمل الأول يجعل المرأة تخشى كثيراً فكرة الإسقاط أو الإجهاض مرة أخرى ولن تستطيع الحمل مرة أخرى.
بالإضافة إلى أن كل أفراد المجتمع من حولها سيرسخ لديها إحساس الإجهاض مرة أخرى وصعوبة حملها فيما بعد، فضلاً عن بدء مقارنة حالة المرأة التي أسقطت حملها بغيرها من النساء اللاتي لم يفقدن الجنين ورُزقن بأطفال، وهو ما سيؤثر عليها سلباً من الناحية النفسية على وجه الخصوص.
وختاماً، يجب علينا الاعتراف بأن الحالة النفسية للمتزوجات حديثاً وتعرضن للإجهاض تختلف كلياً عن الحالة النفسية للسيدات اللاتي تعرضن للإجهاض بعد الإنجاب مرة أو مرتين من قبل نظراً للعديد من المخاوف التي تنتاب السيدة المتزوجة حديثاً ولم ترزق بعد بأي أطفال.