ما أهمية الحذر من تغيير مواقيت جرعات أصحاب الأمراض المزمنة في شهر رمضان؟
قالت “د. طيب فاروسي” طبيبة صيدلانية. عادةً ما يُنصح أصحاب الأمراض المزمنة بمراجعة الطبيب المعالج لتنظيم الجرعات الدوائية قبل شهر رمضان الكريم بأسبوع أو أسبوعين على الأقل، وذلك لتحديد المواقيت الجديدة التي سيتم تناول الدواء فيها طوال شهر رمضان الكريم، يرجع ذلك إلى أن الكثير من الأدوية المعالجة للأمراض المزمنة وبخاصة أمراض القلب يختلف تأثيرها ونتائجها الطبية باختلاف توقيتات تناولها، أيضًا متابعة الطبيب قبل شهر رمضان تُفيد بالأساس في إتخاذ قرار الصيام من عدمه، خصوصًا مع المصابين بالأمراض الحادة.
فكل المصابين بالأمراض المزمنة كالفشل الكلوي والسكري وأمراض القلب وضغط الدم وإلتهاب الكبد الوبائي الحاد… إلخ لزم عليهم إستشارة الطبيب المعالج والتنسيق معه، وتفهم النصائح والإرشادات الطبية التي يذكرها، والتي من ضمنها مواقيت الجرعات الدوائية بين الإفطار والسحور، والإلتزام بكل هذه الإرشادات خلال الصيام، لتجنب الضرر لأجسامهم ولعدم تفاقم المشكلة المرضية عندهم.
وتنسيق وترتيب الجرعات الدوائية التي يتناولها أصحاب الأمراض المزمنة له أهمية كبيرة في علاج المرض، كذلك فإن بعض الأدوية يجب أن تؤخذ لمرتين أو أكثر خلال اليوم، وهنا يأتي الدور الحيوي للطبيب المعالج بتغيير نوع الدواء لنوع آخر يمكن تناوله لمرة واحدة فقط، أو بنوع آخر يمكن تناوله على فترات متقاربة للحصول على نفس النتيجة الطبية المنتظرة من الدواء.
هل تحتاج أدوية القطرات للعين والأذن للتنسيق مع الطبيب، أم يمكن تبديل مواقيتها تلقائيًا؟
تابعت “د. فاروسي” أثبتت الأبحاث والدراسات المتعلقة بتناول الأدوية في رمضان من الناحية الشرعية أن أي شيء لا يدخل الجسم عن طريق الجهاز الهضمي والأمعاء فهو مباح ومسموح به، ويُستثنى من هذه القاعدة التسريب الوريدي أي سوائل التغذية التي تُحقن عن طريق الوريد. وبذلك فإن قطرات العين والأذن مسموح أخذها طبقًا للكثير من الفتاوى الدينية.
ما أبرز الخطوات الواجب إتباعها لتبديل مواقيت أدوية أصحاب الأمراض المزمنة دون الوقوع في السلبيات الصحية؟
كما سبق وأن ذكرنا تعتبر الخطوة الأولى لتبديل مواقيت الدواء دون ضرر على الجسم هي إستشارة الطبيب لتحديد الجرعات والمواقيت الجديدة.
ومع بعض أدوية أصحاب الأمراض المزمنة قد يلجأ الطبيب إلى تعديلها أو تغييرها وتبديلها، ومع البعض الآخر قد يلجأ الطبيب لتعديل كمية الجرعات ومواقيتها فقط مع الإبقاء على نفس نوع الدواء.
وبعض الأدوية لا يمكن التفكير في التوقف عن تناولها خلال النهار بتاتًا، مثل أدوية إدرار البول لمرضى الذبحة الصدرية الحديثة والفشل القلبي، وبالتالي يمنعهم الطبيب عن الصيام لإضطرارهم لتناول هذه الأدوية خلال اليوم كله.
كيف يتم تبديل أوقات جرعات أصحاب الأمراض المزمنة وخاصة مرضى ضغط الدم دون التأثير على صحة المريض؟
أوضحت “د. فاروسي” قبل الحديث عن أدوية الضغط يجب الإشارة إلى أهمية تعويض السوائل المفقودة من الجسم خلال الصيام بشرب كميات كبيرة وموزعة بإنتظام على طول فترة الإفطار من المغرب إلى السحور، وعدم شرب كميات كبيرة دفعة واحدة أثناء وجبة الإفطار فقط.
أما بالنسبة لمرضى ضغط الدم، خاصة المعالجين بمُدِرات البول، يُحذر على أصحاب الأمراض المزمنة تناول هذه الأدوية بعد الإفطار مباشرة، لأن الصيام طوال فترة النهار يقلل من نسبة السوائل بالجسم، وتناول هذه الأدوية بعد الإفطار مباشرة يمثل خطورة على الجسم نظرًا لعدم التعويض الكامل للمفقود خلال الصيام، والأفضل أن يتم تناول هذه المُدرات بعد صلاة التراويح لإعطاء فرصة زمنية للجسم لتعويض ما فقده خلال الصيام. أما بالنسبة لأدوية الضغط العادية فلا مانع من تناولها بعد الإفطار أو السحور، مع مراعاة عدم تأخير وجبة السحور. والحال بالمثل مع الأدوية العادية لأمراض القلب.
ما مدى الضرر الواقع على الجسم عند التوقف عن تناول الدواء دون إستشارة طبية؟
كثير من الأدوية تظهر لها أعراض إنسحابية من الجسم عند التوقف المفاجيء عن تناولها، مثل أدوية الكورتيزون وأدوية الإكتئاب، فهذه من الأنواع التي يجب التوقف عن تناولها تدريجيًا.
كذلك الحال مع المضادات الحيوية، فلا يستقيم التوقف عنها فجأة، ويجب تناولها حسب البرنامج العلاجي، وإكمال هذا البرنامج حتى نهايته، لأن التوقف المفاجيء عن تناول المضادات الحيوية يقوي الجرثومة أو البكتيريا التي من المفترض أن يقتلها هذا المضاد، وعند الإصابة بنفس نوع البكتيريا مرة أخرى لن ينفعها نفس نوع المضاد ونحتاج إلى أنواع أحدث وأقوى للتغلب عليها وقتلها، وهو أمر جِد خطير.
وبخصوص أدوية أصحاب الأمراض المزمنة، فطالما دخلت جسم الإنسان لا يمكن التوقف عنها إلا بعد التعافي الكامل من المرض. أما أدوية المسكنات ومثيلتها من الأدوية التي يأخذها أصحاب الأمراض المزمنة عند اللزوم فيتم التوقف عنها وقت زوال العَرَض المتطلب لتناولها.
كيف يُنظم مرضى السكري الجرعات الدوائية؟
كثير من مرضى السكري يُتمون صيامهم كل عام دون أدنى مشكلة، المهم لهم الإلتزام بالجرعات ومواقيتها، فالمُعالجون بالأنسولين مثلًا يمكن لهم بعد إستشارة الطبيب الإعتماد على الأنواع طويلة الأثر خلال شهر رمضان، بحيث يُحدد وقت الجرعة قبل تناول السحور ويستمر مفعولها طوال فترة الصيام.
والمحدد لهم جرعتين يوميًا يمكن تعديل مواقيت الجرعتين إلى ما قبل الإفطار وما قبل السحور بنصف ساعة على الأقل، كذلك الحال للمعالجين بالأقراص الدوائية، وإن احتاج هؤلاء لجرعة ثالثة فيمكن أن يحددها الطبيب في حوالي الساعة الثانية عشرة صباحًا دون أدنى مشكلة.
كل هذه التعديلات في الجرعات وعددها ومواقيتها لابد أن يُلازمه شرب كميات كبيرة من السوائل، وتجنب تناول السكريات والحلويات كثيرًا، ولهم أن يؤخروا وجبة السحور إلى أقصى ما يستطيعون للمحافظة على مستوى السكر بالدم متوازنًا لأطول فترة ممكنة أثناء الصيام.