حب الأخ الصغير
حين نتحدث عن الحب ومظاهره وأنواعه، وحين نبحث عن معانيه الحقيقية الصادقة البعيدة عن الزيف والغش والتكلّف لا نجد أصدق من الأخوة كأروع صورة من صور الحب وأصدق معنى من معانيه، أقولها الآن: أخي الصغير أحبك صِدقاً.
كلنا نبحث عن الحب في كل ما حولنا وبين كل ما حولنا، نبحث عنه عند الأصدقاء والأهل والأحباب ونلتمسه أينما وجدناه، ونسعد به ونلهث خلفه، ولكن مع كل تجاربنا ورحلتنا الطويلة في دروبه وأروقته نكتشف أن بعض مشاعر الحب غير حقيقية، وبعضها الآخر كان حقيقيًا في يوم ما وصار وهمًا، وبعضها كان بدافع مصلحة أو غرض دنيوي، وجميعها يتأثر بالبعد والقرب والود والجفاء إلا أنواع الحب الغريزية التي ركبها الله فينا وجعلها جزءً من عواطفنا، أنواع الحب التي لم نخترها ولم نختر فيها المحبوب وهي الأمومة والأبوة والأخوة، وهنا سنتحدث عن عاطفة الأخوة تجاه الأخوة وخاصة تلك العاطفة الجياشة تجاه الأخ الأصغر، ونتمنى أن ينال مقالنا إعجابك عزيزي القارئ.
اقرأ كذلك: أجمل رسائل للأخ الصغير
الأخوة هي الحب الحقيقي
الأخوة هي رباط عاطفي عجيب وقوي إلى أبعد الحدود، هي تلك العاطفة التي تجعل قلب الأخ ينفطر إذا مس أخاه ضرًا أو أصابه مكروه، وتجعل دماء الغضب والسخط تغلي في عروقه إذا ما تطاول أي مخلوق على أخيه، أو تعرض له بالإهانة أو السب أو الأذى، وهي تلك العاطفة السحرية التي تجعل الأخ ينسى كل شقاق بينه وبين أخيه إذا رآه في شدة، يسامحه ويتجاوز عن أخطائه وينسى قسوته ويندفع إليه بكل الحب والعناية، يفعل لأجله كل ما في وسعه ليخلصه من محنته.
قد يختلف الأخوة ويدخل الشقاق بينهم وينزغ الشيطان في أخوتهم، وقد تتدخل الشهوات والمنافع والمصالح فتعكر صفو هذا الحب غير أنه في النهاية يظل في القلب كامنًا يحركه دافع الحب والغريزة، فعلى الرغم من كل شيء فإن الأذى الذي يصيب أحد الأخوة يصيب بلا شك بقيتهم ويمتد إليهم فهم وان كانوا عدة كيانات مستقلة إلا أن أصلهم ومنشأهم كيان واحد مشترك.
الأخ الأصغر هو الحب الأكبر
نشعر تجاه اخوتنا بكل معاني الحب وأصدق معاني الحب، فنحن نحب رؤيتهم دائمًا بخير وصحة وعافية، يسعدنا أن نراهم سعداء منعمين متألقين ناجحين، ويدمي قلوبنا أن نرى غير ذلك، هذا عن محبتنا لأخوتنا عمومًا أما محبة الأخ أو الأخت الأصغر سنًا فهي أشد وأعمق، لأنها مزيج من المحبة والتعاطف والمسؤولية، فالأخ الأصغر يأخذ مكان الابن، الذي نشارك في تربيته ونستمتع بمداعبته صغيرًا، ونراقب نموه وتطور مهاراته يومًا بيوم فيصبح بالفعل كأنه ابن وليس أخ، الكل يتعاطف معه ويدلله ويسعى لراحته.
ولو قارنا بين حبنا لأخواتنا الأكبر سنًا والأخوة المتقاربين منا في السن والأخ الصغير لوجنا بعض الفوارق، فنحن نستمد الأمان والحماية من اخوتنا الكبار، نلوذ بهم ونلجأ إليهم كلما اشتدت علينا الظروف أو طحنتنا الأحداث تحت رحاها، ونتخذ من الأخوة المتقاربين معنا في السن أصدقاء وصحبة وأنسًا، نتشارك معهم المواقف والتفاصيل ونستودعهم الأسرار والمحاذير التي لا نطلع عليها أحدا، أما الأخ الصغير فيحدث معه العكس حيث يتخذ هو منا الحماية والسند والدعم والأمان، ونستطيع نحن بدافع المحبة والأخوة الصبر على حماقاته وزلاته وأخطائه، ونمسك بيده كلما تعثر ونساعده على اجتياز المصاعب والمحن، مع الأخ الصغير نحن من يمنح الحب ونحن من يعطي الاهتمام ولا ننتظر منهم شكرًا ولا مقابل، غير أن التقدير والامتنان يجعلنا في سعادة لا توصف وحين نلمس ثمرة هذا الحب نجاحًا وتقدمًا نحو الأفضل نكاد نطير من الفرح والرضا عن أن أنفسنا وعن الأخ الأصغر، ونشعر أن مشاعرنا ورعايتنا ودعمنا قد أتوا ثمارهم الطيبة المباركة. فاللهم احفظ لنا كل أخ كبير يمنحنا الأمان وكل أخ صغير يشعرنا بالأهمية ويسعدنا وجوده.