ماذا عن الحملة الإلكترونية للتوعية ببقايا المبيدات في الأغذية التي نظمتها الهيئة؟ وما أهدافها؟
قال “د. صالح الدوسري” نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الغذاء. تعتبر الحملة الإلكترونية التوعوية بأخطار ومضار بقايا المبيدات الحشرية في الأغذية جزء من مبادرات 2030 التي تُطلقها الهيئة، ومدة الحملة ثلاث أيام تبدأ في 27 مارس وتنتهي في 30 مارس 2018 م، وهدف الحملة الأساسي هو تقليل بقايا المبيدات الحشرية بالأغذية المزروعة مثل الخضروات والفواكهة.
وتم تدشين هذه المبادرة في شهر أكتوبر من عام 2017 م، وبدأت العمل فعليًا على أرض الواقع مع بداية عام 2018 م، والآلية التنفيذية للمبادرة هي فحص المنتجات الغذائية من الفواكهة والخضروات والتمور في عدد 13 سوق مركزي بالمملكة العربية السعودية، لتحديد نسب بقايا المبيدات الحشرية بها.
وكما هو معلوم لا يمكن منع وجود مبيدات بالأغذية المزروعة، لأن المبيدات أحد العناصر المهمة في نمو وإثمار النبات، لذا تعمل الحملة على التوعية – بآليات تنفيذية – بأهمية تقليل نسب هذه المبيدات في الثمار النهائية التي يتناولها المواطنون، وأن تكون هذه النسب ضمن الحدود الآمنة عالميًا والتي لا تشكل خطر على حياة الإنسان.
والحدود الآمنة لنسب المبيدات في الخضروات والفواكهة هي حدود محددة دوليًا، كما تحددها المواصفات القياسية السعودية والخليجية، حيث توضح هذه المواصفات القياسية الأرقام المعتمدة لكل نوع من أنواع المبيدات، والتي إن لم تتخطها نسبة وجود المبيد في الطعام تصبح لا تشكل أي خطر على صحة المواطن.
وكما سبق وأن ذكرنا أن الحملة جزء بسيط من مبادرة كاملة دشنتها الهيئة، وارتكزت هذه المبادرة على مجموعة من الدراسات أجرتها الهيئة العامة للغذاء والدواء السعودية على مدار خمس سنوات، حيث تم سحب أكثر من 7900 عينة من الأسواق المركزية بالمملكة، سواء كانت من الإنتاج المحلي أو من الأغذية المستوردة (حيث تستورد المملكة المنتجات الغذائية من أكثر من 150 دولة).
وانتهت الدراسات إلى أن نسبة العينات ذات بقايا المبيدات الأعلى من المواصفات هي 8% من إجمالي العينات، والـ 92% الأخرى كانت
جميعها مطابقة للمواصفات، ومن العينات المطابقة نسبة 62% خالية من المبيدات تمامًا. والخطة الموضوعة والتي تعمل الهيئة على تنفيذها هي خفض نسبة العينات الغير صالحة للإستهلاك من 8% إلى 2% بنهاية عام 2018 م، وبذلك تصبح المملكة السعودية متطابقة مع دول الإتحاد الأوروبي حيث أن الإتحاد يسمح بـ 2% فقط.
على الجانب الآخر حددت الدراسات أكثر مناطق المملكة التي تنتشر فيها الأغذية المحتوية على بقايا مبيدات حشرية أعلى من المعدل المسموح به. كما حددت لنا أكثر المحاصيل تلوثًا بالمبيدات وكان أغلبها المحاصيل الورقية كالنعناع والكسبرة والبقدونس.
وحتى نبلغ الأمل المنشود، ونحصل على نسبة الـ 2% من إجمالي الأغذية المنتشرة في الأسواق، تتكاتف جميع مؤسسات الدولة مثل
وزارات الزراعة والري والبيئة في العمل والجهد للقضاء على تلوث الغذاء بالمبيدات، هذا التكاتف في العمل يأتي من التعامل المباشر والمشاركة الفعلية في المبادرة من خلال توعية ورقابة المُزارعين والمَزَارِع. كما أن الهيئة لها مندوب دائم في كل سوق مركزي لإجراء الفحص اليومي والحصول على النتائج، وكل هذا الجهد يهدف في النهاية إلى سلامة المستهلكين.
ما الرسائل التي تريد الحملة إيصالها للمجتمع؟
تابع “د. الدوسري” تهدف الحملة إلى توصيل ثلاث رسائل إلى ثلاث فئات مختلفة، هي:
الرسالة الأولى للمُزارع : مفادُها أن الدولة فيها جهة رقابية واعية ولا تَكل من العمل، فعليه أن ينتبه ويحذر العقاب.
الرسالة الثانية للأسواق الجماهيرية ولموردي الأغذية الذين يتعاملون معها: أن متابعة ومراقبة منتجاتهم مستمرة، وتُفحص بعناية وتُعطي نتائج دقيقة.
الرسالة الثالثة للمستهلكين: توجد هيئة رقابية نشطة تعمل على جودة غذائك وهدفها حماية صحتك.
كيف تُقَيِّمون نجاح الحملة؟
أوضح “د. الدوسري” كما سبق وأن ذكرنا فالحملة جزء من مبادرة كبيرة لها مُخصصاتها المالية، وفريقها العملي من المتخصصين والباحثين والموظفين والعمال، بداعي الإستمرار طوال العام في فحص وتحليل ودراسة الأغذية، وإصدار تقرير سنوي مفصل عن وضع المبيدات المتبقية في الأغذية ونسبها ومدى مطابقتها للمواصفات العالمية والمحلية.
كيف يُوازن المُزارع بين حماية محصوله بالمبيدات الحشرية وعدم تلوث الثمار بها؟
أردف “د. الدوسري” العمل على تحقيق هذا التوازن يأتي بمبادرات كثيرة تقوم بها وزارتي الزراعة والبيئة، بهدف توعية وتثقيف المُزارع في نواحي إستخدام المبيدات الأكثر أمانًا، لأن سوق المبيدات عبارة عن سوق عالمي يحتوي على العديد من المنتجات، فتعمل هذه الوزارات على توجيه المُزارع لإستخدام أكثر المنتجات أمانًا وخاصة بعد فترة التحريم (هي الفترة بين رش المبيد وإمكانية تسويق المنتجات، ففي خلال هذه الفترة لا يمكن تسويق المنتجات نهائيًا ولزم الإنتظار حتى نهايتها، وتختلف فترة التحريم من مبيد إلى آخر حسب نوعه، وعادةً ما تكون مكتوبة على ملصق الإرشادات الموجود على العبوة).
ما مدى تجاوب المُزارعين المحليين مع هذه المبادرات والحملات؟
في المُحصلة المُزارعين جزء من المستهلكين، لذلك دائمًا ما يكون تجاوبهم كبيرًا وسريعًا، وعلى الجانب الآخر يحقق تجاوبهم وتنفيذهم للمبادرات الحكومية رخاء إقتصادي وزيادة في الدخل بزيادة تسويق منتجاتهم محليًا ودوليًا وعدم منعها في الأسواق لتلوثها بالمبيدات.
ما هي العقوبات التي تقع على المُزارع حال المخالفة؟
تتشعب طرق العقاب للمخالفين للمواصفات التي تحددها الدولة، فتوجد العقوبات الإدارية والغرامات المالية التي تحررها وزارة الزراعة، وتوجد مجموعة من العقوبات المنصوص عليها في لائحة الغذاء التي أُقرت حديثًا والتي قد تصل إلى حظر تسويق المنتج في الأسواق السعودية.
كيف يحمي المستهلك نفسه وأسرته من بقايا المبيدات في الغذاء؟
توجد بعض الإجراءات المنزلية البسيطة التي تحمي الإنسان من بقايا المبيدات في الغذاء، مثل الغسيل الجيد، والتقشير وخاصة للفواكهة. وإن كان إرتفاع نسبة بقايا المبيدات في الغذاء عن الحدود الآمنة لن ينفعه شيء، ولذا تقوم الجهات الرقابية بحظره.
لماذا لا يتم الإتجاه إلى أساليب الزراعة العضوية والإستغناء عن المبيدات والمواد الكيميائية؟
تُعد المملكة العربية السعودية من الدول الحريصة على الزراعة العضوية، وخصصت لها الجمعيات والهيئات المسئولة عنها، ولكن الزراعة العضوية مرتفعة التكاليف المادية إلى أبعد الحدود، وبالتالي أسعار المنتجات النهائية للمستهلكين جدًا مرتفعة، وهو ما لا تستوعبه القدرة الشرائية لكثير من المواطنين. فضلًا عن أن الطلب العالي على المنتجات الغذائية لا يمكن تلبية كمياته بالزراعات العضوية فقط. كذلك الزراعة العضوية تحتاج لتهيئة البيئة المحيطة كالتربة وماء الري ودرجات الحرارة… إلخ، لأنها لا تصلح في جميع البيئات، وهو الأمر الذي يحتاج الكثير من الوقت والمال والجهد.
ما هي أكثر الفئات تضررًا من تناول الغذاء المُلوث ببقايا المبيدات وما أبرز هذه الأضرار؟
بقايا المبيدات ما هي إلا مواد كيميائية، وبالتالي يُصيب ضررها كل الناس، أي كانت مرحلتهم العمرية أو حالتهم الصحية – وإن اختلف الضرر في شدته من فئة إلى أخرى -. والمشكلة الرئيسية في الضرر الناتج عن الأغذية الملوثة بالمبيدات الحشرية هو أنه يظهر على المدى الطويل بعد فترة تناول كبيرة، وحال ظهور الضرر الصحي منها يكون قد وصل لمرحلة الضرر المزمن الذي سيلازم الفرد باقي حياته. وأبرز الأضرار الناجمة عن الأغذية الملوثة بالمبيدات هي الأورام السرطانية على إختلاف أنواعها.
ما مدى كفاءة المنظفات التي تُباع خصيصًا لغسل الخضروات والفاكهة في تقليل خطر بقايا المبيدات؟
هي مفيدة إلى حد ما، وتخفف من بقايا المبيدات إن كانت من المبيدات السطحية، لكنها لا تُزيل بقايا كل أنواع المبيدات، لأن بعض بقايا المبيدات تدخل في أنسجة الغذاء نفسه، وهي بقايا المبيدات التي يُطلق عليها المبيدات الجهازية. والحل الأمثل في الأغذية الملوثة بالمبيدات الجهازية في يد الجهات الرقابية فقط، حيث تمنع تلك الأغذية من التداول في الأسواق نهائيًا.