يعتبر الأديب أحمد بن سليم الفلاسي أقدم مذيع إماراتي، عمل كمترجم ومذيع في أوائل زمن من بداية القسم العربي لإذاعة عموم الهند أثناء تواجده في الهند في الأربعينات من القرن العشرين. وهو من المذيعين العرب الأوائل والقلائل الذين قدموا خدماتهم في الإذاعة الهندية وساهموا في تحسين مستواها.
ولد الشاعر أحمد بن سلطان بن سليم في دبي عام 1900م، واشتهر بين أقرانه وكل من عرفه بتوقد الذهن والفطنة والموهبة التي تفتقت شعراً وأدباً، وهو يعد من أشهر شعراء الإمارات ومن الذين تركوا بَصمَتَهم على المسيرة الثقافية والشعرية، ليس على مستوى الإمارات فحسب، بل على مستوى الخليج العربي.
وحينما كان يسكن الفلاسي في الهند كانت البلاد تتمتع بمناخ علمي وثقافي غني حيث توفر فرصة للالتقاء مع أدباء عرب ومن أبناء الخليج كما وصفتها مجلة العرب الهندية خلال زيارة الشيخ سلطان بن صقر القاسمي حاكم الشارقة آنذاك أو في مساءات وقصائد خلفان بن مصبح ورفاقه وهو يشكو بشاعة المرض والغربة وجمال الهند الذي لا يستطيع الاستمتاع به في حالات، لأن القلب مثقل بما فيه من الوجع والحنين للأهل والوطن.
يكتب الأستاذ بلال البدور بأنه كان لإقامة سليم الفلاسي لفترة ليست بالقصيرة في الهند دور في تكوينه الثقافي والإعلامي، حيث عمل مذيعاً في إذاعة عموم الهند واحتك برواد الحركة الفكرية العرب الذين كانوا يفدون إلى مومباي في تلك الفترة. واشتغل الفلاسي بالإذاعة الهندية العربية عدة أعوام حيث انضم إليها في بداية الأربعينيات بعد بداية خدماتها العربية وغادر الهند وترك الوظيفة في الإذاعة في عام 1947م حينما كانت الهند تحارب من أجل استقلالها من المستعمرين البريطانيين.
ولكن مساهمته في الإذاعة العربية لم تساعد في تحسين مستوى الإذاعة فحسب بل ساهمت في تكوين شخصيتها الثقافية والصحفية كذلك. ولذا بعد رجوعه إلى دبي ارتفع إلى مناصب رفيعة عديدة حتى أصبح وزيراً في الأعوام الأخيرة وهذا بسبب خبرته وعلمه وفهمه وثقافته وفترة قيامه في الهند وعمله بالإذاعة الهندية والتي ساهمت في ارتقاء شخصيته أيضاً كما اعترف الكتاب العرب هذا الجانب من شخصيته أيضاً.
وعندما عاد إلى دبي في عام 1947م عمل مع حاكمها سمو الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حيث عين ناظراً للجمارك، كما ساهم في الاجتماعات التأسيسية التي مهدت لقيام دولة الإمارات· وله شعر تقليدي المنحى، ولغته الشعرية متميزة، وقاموسه اللفظي عربي قويم متمكن من عروض اللغة والنحو العربي، وقد نظم في الشعر بشقيه الفصيح والنبطي، فأجاد فيهما وتميز.
ويشير الأستاذ البدور إلى أن الشاعر والصحفي احمد بن سليم عمل مع حاكم دبي المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حينما عين ناظرا للجمارك، وقبل قيام دولة الإمارات العربية المتحدة شارك في الاجتماعات التأسيسية التي مهدت لقيام الدولة، ثم عين وزير دولة للشؤون الاقتصادية والمالية في اول حكومة اتحادية. وكان من متنوري عصره، متابعاً للأحداث العالمية والعربية. على اتصال تام بالأدباء والمثقفين من خلال الصحف والمجلات والتواصل المباشر مع المثقفين.
خلاصة الكلام بأن الصحفي والشاعر الإماراتي الذي عمل في القسم العربي من إذاعة عموم الهند كان من بين العرب القدماء الذين تم استقدامهم من قبل الإذاعة الهندية ومن خلال خدماتهم بكون الناطقين باللغة العربية، قام الفلاسي بمساهمة قيمة وكبيرة في تحسين مستوى الإذاعة الهندية الذي يقدره ويشيده العرب من جميع الدول في بداية خدماتها في الأربعينيات والخمسينيات. وهو كان من الأوائل القلائل الذين زرعوا بذور الإذاعة الهندية باللغة العربية ولعبوا دورا هاما في نشأتها وتطورها لتصبح من الإذاعات العربية المهمة ليس في الهند فحسب بل تكون لها سمعة طيبة في العالم العربي أيضاً.
بقلم: د. محمود عاصم «كاتب وصحفي بنيودلهي»
تجد أدناه -أيضًا- بعض المقترحات..