في هذا المقال سنذكر كيفية صلاة العيد، ثم نورِد بعض الأحكام المتعلقة بخطبة العيد والأضحية والتهنئة بالعيد. وذلك كله أفرد الشيخ حسن الحسيني الحديث عنه؛ وقُمنا بتوفيره لكم من باب إتاحة العِلم والتفقّه للجميع.
الأحاديث الواردة في صفة صلاة العيدين
قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: صلاة السفر ركعتان وصلاة الجمعة ركعتان والفطر والأضحى ركعتان تمام غير قصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. ~ رواه ابن ماجة، وأحمد والنسائي في السنن الكبرى بإسناد صحيح.
وعن عائشة -رضي الله عنها-: أن رسول الله ﷺ كان يكبر في الفطر والأضحى، في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمسا. ~ رواه أبو داود وابن ماجة، وأحمد بإسناد صحيح.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال نبي الله ﷺ «التكبير في الفطر سبع في الأولى، وخمس في الأخيرة، والقراءة بعدهما كلتيهما» ~ حديث صحيح رواه أبو داود والدارقطني.
وعن النعمان ابن بشير -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله ﷺ يقرأ في العيدين وفي الجمعة بـ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى﴾ و ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾.
وعن عبيدالله بن عبدالله أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سأل أبا واقد الليثي: ما كان يقرأ به رسول الله ﷺ في الفطر والأضحى؟ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بـ: ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾، و ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ﴾.
عن عمرو بن شعيب، عن ابيه، عن جده؛ قال: كبَّر رسول ﷺ في صلاة العيد سبعًا في الأولى، ثم قرأ، ثم كبَّر، فركع، ثم سجد، ثم قام، فكبَّر خمسًا، ثم قرأ، ثم كبَّر، فركع، ثم سجد. ~ رواه الدارقطني وأحمد واللفظ للفريابي. وهو حديث حسن بالشواهد.
وصف صلاة العيد تفصيلا
صلاة العيد ركعتان، في الركعة الأولى سبع تكبيرات.
قال المالكية والحنابلة: بعد تكبيرة الإحرام ست تكبيرات، فالمجموع سبع تكبيرات.
وقال الشافعية: تكبيرة الإحرام وبعدها سبع تكبيرات زوائد.
وحال التكبير يرفع المصلي يديه إلى محاذاة كتفيه، كتكبيرة الإحرام. ويتعوَّذ ويقرأ الفاتحة جهرا -القراءة جهرا-. ثم السَّنة أن يقرأ في الركعة الأولى سورة الأعلى، وفي الثانية سورة الغاشية.
وثبت -كذلك- القراءة في الأولى سورة ق، وفي الثانية سورة القمر.
فإذا قام إلى الركعة الثانية كبَّر خمس تكبيرات، عدا تكبيرة الانتقال، قبل أن يبدأ القراءة.
وهذه التكبيرات الزوائد سُنَّة، فلو نسيها المصلي وشرع في القراءة صحت صلاته.
أما باقي هيئات صلاة العيد كغيرها من الصلوات المعتادة.
ومن فاتته صلاة العيد جماعة يستحب قضاؤها ركعتين بتكبيراتها.
وأزيدكم هنا تثقيفًا حول: سنن العيد التي وردت عن النبي المصطفى ﷺ
خطبة العيد
عن عبد الله ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله ﷺ كان يصلي في الأضحى والفِطر ثم يخطب بعد الصلاة. ~ أخرجه البخاري.
يُسَن بعد الفراغ من صلاة العيد خطبتان. ومن حِكَم مشروعية الصلاة والخطبة في العيد هو الاجتماع، اجتماع المسلمين على ذِكر الله ﷻ والتنويه بشعائر دينه، إضافة إلى أن لكل أُمة لا بد لها من عرضه، يجتمع فيها أهلها لتظهر شوكتهم وتُعلَم كثرتهم، ولذلك استُحب خروج الجميع، حتى الصبيان والنساء وذوات الخدود والحُيَّض، ليحضروا صلاة العيد وخطبة العيد.
وعن ابن عباس -رضي الله ﷻ عنهما-، أنه قال: «شهدت العيد مع رسول الله ﷺ، وأبي بكر، وعمر، وعثمان -رضي الله عنهم-، فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة» ~ رواه البخاري ومسلم.
الخطبة في العيد تكون بعد صلاة العيد، ولو قَدَّم الخطبة على الصلاة لم يعتد بالخطبة. وكل أحكام خطبة الجمعة وسننها تنطبق على خطبة العيد أيضا، إلا أنه لا بأس بالكلام أثناء خطبة العيد، لأن حضورها ليس بواجب؛ فالاستماع لها أيضا ليس بواجب. لكن لا شك أنه من الأدب الإنصات للخطبة، لأنه إذا تكلَّم المسلم أشغل نفسه وأشغل غيره.
حكم حضور خطبة صلاة العيد
عن عبد الله بن السائب -رضي الله عنه- قال: شهدت مع رسول الله ﷺ العيد، فلما قضى الصلاة قال «إنا نخطب، فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب» ~ حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة.
رخَّص النبي ﷺ لمن شهد صلاة العيد أن يجلس للخطبة أو أن يذهب.
صفة خطبة العيدين
عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: شهدت مع رسول الله ﷺ الصلاة يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، بغير أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئا على بلال، فأمر بتقوى الله، وحث على طاعته، ووعظ الناس وذكرهم، ثم مضى حتى أتى النساء، فوعظهن وذكرهن.. ~ رواه مسلم.
خطبة العيد كسائر الخطب، تُفتتح بالحمد لله ﷻ والثناء عليه ﷻ، والصلاة على النبي ﷺ والأمر بتقوى الله ﷻ وطاعته.
ويعظ الخطيب الناس بما فيه صلاح دينه ودنياهم وآخرتهم.
ويُستحب أن يُعلِّم الناس في الخطبة أحكام العيد وسننها وآدابها، ويعظهم ويوصيهم على فِعل الخيرات؛ كالصدقات. وفي عيد الأضحى يعلمهم أحكام الأضحية.
وهنا نوصيك بالاطلاع على: خطبة عيد الأضحى مكتوبة كاملة بالعناصر ومعززة بالآيات والأحاديث والأدعية
إذا صادف يوم العيد يوم الجمعة
عن إياس ابن أبي رملة الشامي، قال: شهدت معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- وهو يسأل زيد بن أرقم -رضي الله عنه-، قال: أشهدت مع رسول الله ﷺ عيدين اجتمعا في يوم؟ قال: نعم. قال: فكيف صنع؟ قال: صلى العيد ثم رخَّص في الجمعة. فقال «من شاء أن يصلي فليصل».
إذا وافق العيد يوم الجمعة، فمن صلى العيد له ألا يحضر الجمعة ويصليها ظهرا إلا الإمام، فإن الجمعة لا تسقط عنه إلا إذا لم يجتمع له من يصلي بهما الجمعة. وهو قول طائفة من السلف ومذهب الحنابلة. أما عِند جمهور العلماء فلابد من صلاة الجمعة ولا تسقط بصلاة العيد.
الحث على الصدقة يوم العيد
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: خرج رسول الله ﷺ في أضحى أو فطر إلى المصلى، ثم انصرف، فوعظ الناس، وأمرهم بالصدقة، فقال: «أيها الناس، تصدقوا».
من أعمال البر والخير التي أكد عليها النبي ﷺ في خطبة العيد الصدقة يوم العيد، فهي ترفع العوز عن المحتاج، وتغنيه عن السؤال يوم العيد. فإن بذل الموسرون من مالهم انتشرت البهجة يوم العيد لتشمل فِئات المجتمع جميعها.
عيدية الأطفال
ومن العادات الطيبة التي انتشرت في البلدان الإسلامية أيام عيد الفطر والأضحى، إعطاء الصغار والكبار ما يسمى بالعيدية، وهو مقدار من المال يزيد أو ينقص بحسب حال المعطي، من أجل إدخال الفرح في قلوبهم.
فهذا من محاسن الأخلاق وجميل العادات، وأمرٌ رغَّب فيه الشرع المطهر، ويتأكد ذلك إن كانوا من أهله وعياله، لقول النبي ﷺ، «أفضل دينار ينفقه الرجل، دينار ينفقه على عياله» ~ رواه مسلم.
حكم الأضحية ووقتها
من سُنن عيد الأضحى الأضحية، وهي ما يُذبَح من بهيمة الأنعام في أيام عيد النحر والتشريق، تقربا إلى الله عز وجل.
والأُضحية سنة فعلها المصطفى ﷺ. كان يضحي كل سنة بكبشين أملحين، يذبح أحدهما عن محمد وآل محمد، ﷺ، ويذبح الثاني عمَّن وحَّد الله من أمته.
وقد اختلف العلماء في حكم الأضحية على قولين:
- الأول أنها واجبة، وهو مذهب أبي حنيفة.
- والثاني أنها سنة مؤكدة، وهذا قول جمهور العلماء؛ ومن أدلتهم هذا الحديث.
فالأضحية سُنة مؤكدة مع الاستطاعة، يضحي الإنسان بواحِدة عنه وعن أهل بيته، وإن كان عاجزا فلا شيء عليه.
ووقت الأضحية أربعة أيام، يوم العيد وهو العاشر من شهر ذي الحجة وثلاثة أيام من بعده، وهي أيام التشريق. فإذا صلى الناس صلاة العيد بدأوا بالذبح.
ولمزيد تثقيف؛ فهنا: شروط الأضحية ومشروعيتها في القرآن والسنة النبوية
تبادل التهنئة بالعيد
عن جبير بن نفير، قال: كان أصحاب رسول الله ﷺ إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله مِنا ومنكم. ~ رواه المحاملي بإسنادٍ حسن.
أيها الأحبة؛ ومن الحفاوة بالعيد تبادل التهنئة في هذا اليوم، فيُشرع تهنئة المسلم لأخيه بإتمام العبادة وبلوغ يوم العيد وحصول النعمة. فقد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنكم.
والأمر في عبارات التهنئة واسِع، فلو قال: عيدكم مبارك أو تقبل الله ﷻ طاعتكم وصيامكم.. ونحو ذلك؛ فكلها كلمات حسنة.
وبهذه اللفتة، نوفر لكم هنا: رسائل عيد الأضحى المبارك لكل الأحبة والمقربون لنا
فبارك الله لكم عيدكم يا أهل الإسلام، وأتمَّه على المسلمين بالقبول والغفران، وكتب الله لي ولكم الرحمة والرضوان، وصلى الله وبارك على نبينا العدنان محمد عليه أتم صلاة وأزكى سلام.