إذا كنت مهتمًا بالإلمام بما ورد من أحاديث نبوية عن الصوم وفضله وبعض أحكامه، فنحن نوصيك بالاطلاع على هذا المقال المفيد. فقد قسَّمناه إلى أجزاء؛ سردنا من خلالها الأحاديث النبوية الواردة عن المصطفى ﷺ والتي تحدَّث فيها عن الصيام وفضائلة وثوابه وبعض الأحكام حوله.
وأوضحنا درجة الأحاديث، وبيّنا أيضًا رواة الأحاديث لمزيد توثيق.
أحاديث صحيحة عن الصيام
١. يقول النبي المختار ﷺ «الصوم جنة، والصدقة تطفيء الخطيئة كما تطفىء الماء النار».
وفيه تنبيه من النبي ﷺ على فضل الصوم والصدقة، وجزاء فاعلهما عند الله ﷻ.
الراوي: معاذ بن جبل -رضي الله عنه-
٢. ثم حديث عظيم يقول فيه رسول الله ﷺ «عليك بالصوم، فإنه لا عدل له».
والحديث يشرح نفسه بقوَّة، فمعنى «لا عدل له»؛ أي: لا نظير له في الفضل والأجر.
وفي رواية «عليك بالصوم فإنه لا مثل له».
الراوي: أبو أمامة الباهلي -رضي الله عنه-
٣. وفي الحديث «من صام رمضان وستا من شوال؛ فقد صام السنة».
وفيه حثّ على صيام ستة أيام من شهر شوال، وفضل ذلك.
الراوي : ثوبان مولى رسول الله ﷺ
٤. وحديث «من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم».
وهنا ينهى النبي ﷺ عن صيام يوم الشك.
الراوي: صلة بن زفر -رضي الله عنه-
٥. وفي هذا الحديث الفضيل أيضًا يقول رسولنا المصطفى ﷺ «خمس من عملهن في يوم كتبه الله من أهل الجنة، من عاد مريضا، وشهد جنازة، وصام يوما، وراح يوم الجمعة، وأعتق رقبة».
وفيه التنبيه على هذه الفضائِل، والتي منها الصيام.
أحاديث الصيام في صحيح البخاري
١. مع أول حديث اخترناه من كتاب صحيح البخاري، وهو هذا الذي يسوق لنا الفضل الكبير الذي يحصل عليه المسلم عندما يصوم شهر رمضان، مؤمنًا، محتسبًا الأجر والثواب لله ﷻ. يقول فيه النبي ﷺ «من صام رمضان، إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه».
فما أعظمه من أجر وثواب وفضل يلقاه المؤمن جزاءً صومه لشهر رمضان المبارك.
الراوي: أبو هريرة -رضي الله عنه-
٢. ثم الحديث الجميل الذي يبشر فيه النبي ﷺ الصائمين تطوعًا لله ﷻ. فيقول «من صام يوما في سبيل الله، بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا».
أترى؟ يومًا واحدًا تصومه لله الحليم الرحيم ﷻ يكون سببًا في إبعاد وجهك عن النار سبعين خريفًا. ومعنى سبعين خريفًا: أي سبعين سنة.
الراوي: أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-
٣. ومع عظيم أجر وثواب الصائمين أيضًا نستمر في سرد الأحاديث النبوية. وهنا يقول النبي ﷺ «من آمن بالله وبرسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان كان حقا على الله أن يدخله الجنة، جاهد في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها».
فهذا يدل دلالة واضحة على مدى عظم أجر وثواب الصائمين لشهر رمضان المُعظَّم. وما أعدَّه الله لهم من مكانة وفضلا.
الراوي: أبو هريرة -رضي الله عنه-
٤. وهنا حديث شريف من توجيهات وتوصيات سيدنا رسول الله ﷺ يقول فيه «الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم مرتين والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك».
فبيَّن الحبيب ﷺ ما يجب على المؤمن أن يفعله إذا شاتمه أحد. فضلا عن فضل وأجر ومكانة الصائِم عند الله ﷻ.
الراوي: أبو هريرة -رضي الله عنه-
٥. في هذا الحديث، يُنوّه النبي ﷺ أنه «من أكل ناسيا وهو صائم، فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه».
وهذا يدل على سماحة الإسلام ويُسره، وكيف يتعامل هذا الدين الحنيف مع المسلم في كل أحواله، ومنها الصوم.
الراوي: أبو هريرة -رضي الله عنه-
٦. وهنا في حديث عن الصيام التطوع يقول النبي ﷺ «أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر».
فهذه وصية نبوية مباركة لأُمَّته يحثهم فيها على ما يرفع درجاتهم عند ربهم وفي جنَّات النعيم، ومنها صوم ثلاثة أيام من كل شهر. وجدير بالذكر أن النبي ﷺ لم يُحَدد في لفظ الحديث الأيام في الشهر، بل ترك الأيام بلا تحديد.
الراوي: أبو هريرة -رضي الله عنه-
٧. وهنا وصية نبوية أُخرى، يقول المصطفى ﷺ ناصحًا لأُمَّته بخصوص صوم شهر رمضان «لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه، فليصم ذلك اليوم».
وفيه تأكيد حرص رسول الله ﷺ على توعية المسلمين بما يجب عليهم عند قدوم هذا الشهر الفضيل، وفطنته ﷺ لما قد يدور من تساؤلات كثيرة على مر الزمن بشأن هذه المسائِل.
الراوي: أبو هريرة -رضي الله عنه-
٨. وهذا الحديث الشهير الصحيح المعروف، وهو حديث أركان الإسلام. يقول فيه نبينا محمد ﷺ «بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان».
وهنا دلالة قوية على عظم هذه الخمسة المذكورة وقوة شأنها، ومنها صوم شهر رمضان المبارك.
الراوي: عبدالله بن عمر -رضي الله عنه-
٩. وفي التوجيه النبوي هنا، يقول النبي ﷺ «من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء».
وكلما حضرت خطبة النكاح سمعت المأذون يذكر هذا الحديث. وحقيقة هو رسالة نبوية مباركة للحث على الزواج، وأن الصوم هو سبيل غير القادرين عليه. ومن ذلك يتبيّن لنا أيضًا مدى فضل الصوم وأهميته في هذه الحالة.
الراوي: عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه-
وهنا انتهينا من الأحاديث التي انتقيناها لكم عن الصوم والتي وردت في صحيح الإمام البخاري.
حديث قدسي عن الصيام
وهو ذاك الحديث الذي يحفظه كثيرٌ من المسلمين، ولفظه أن النبي ﷺ أخبر أن رب العزة ﷻ قال «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به».
ويُكمِل رسول الله ﷺ «ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك».
وفي لفظٍ آخر «يقول الله عز وجل: الصوم لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وأكله وشربه من أجلي. والصوم جنة. وللصائم فرحتان: فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك».
راوي الحديث: أبو هريرة -رضي الله عنه-.
أحاديث ضعيفة عن الصوم
حديث صوموا تصحوا
هذا الحديث الذي يردده البعض، ولفظه «صوموا تصحوا» أو «اغزوا تغنموا، وصوموا تصحوا، وسافروا تستغنوا».
وقد حكم عليه بعض العلماء بالضعف ومنهم قالوا بأنه منكر.
وقال الشيخ مصطفى العدوي أنه لا يصح، بل ومنكر. وقال الله ﷻ في سورة البقرة ﴿مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾. فلو كان الصيام يصحح البدن في كل الأحوال لأمر النبي ﷺ المريض أن يصوم.
حديث الصوم نصف الصبر
ولفظه «الصوم نصف الصبر» أو «لكل شيء زكاة وزكاة الجسد الصوم، والصيام نصف الصبر» أو «التسبيح نصف الميزان، والحمد لله تملؤه، والتكبير يملأ ما بين السماء والأرض، والصوم نصف الصبر، والطهور نصف الإيمان».
وجميعها ضعيفة.
لو يعلم العباد ما في رمضان لتمنت..
واللفظ «لو يعلم العباد ما في رمضان لتمنت أمتي أن يكون رمضان السنة كلها».
وقد قال العلماء والمختصون أن الحديث موضوع.
من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ولا مرض..
وفي ألفاظه «من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقض عنه صيام الدهر وإن صامه» أو «من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ولا عذر كان عليه أن يصوم ثلاثين يوما، ومن أفطر يومين كان عليه ستين، ومن أفطر ثلاثة أيام كان عليه تسعين يوما» أو «مَن أفطر يومًا من رمضانَ في الحضرِ، فليُهدِ بدنةً».
وكلها موضوعة، ولا تصح عن المصطفى ﷺ.
وإلى هنا؛ فقد وصل بنا المطاف إلى ختام مقالنا الذي أوردنا لكم فيه ما استطعناه من أحاديث نبوية عن الصوم. وبيّنا رواتها ودرجتها وشروحات قصيرة لبعضها.