إن من أهم حقوق كل ابن على أبويه أن يحسنا إليه، ويتقنا تربيته وتأديبه وتعليمه، ويسلحاه بما ينفعه من العلم والمعرفة وما يحتاج إليه من أسلحة تعينه على مواجهة تحديات الحياة وخوض غمارها، وتجاوز امتحاناتها وابتلاءاتها لكي يحياها على منهج الله ويخرج منها على مرضاة الله وذلك بالعلم والدين وحسن الخلق.
ولا شك أن على رأس هذه العلوم والمعارف وأهمها على الإطلاق العلم بكتاب الله عز وجل وحفظه، وهذا من الأمور التي يعرفها الجميع ولا يختلف عليها اثنان، ففضل تعليم القرآن وتعلمه عظيم، ومنافعه أكثر من أن تحصيها الكلمات أو تحيطها الكتب، وهنا سنحاول جاهدين أن نمر في عجالة على تلك القضية وسنحاول أن نبيين فضل تعليم القرآن للأبناء، والأثار الواردة في هذا الصدد، وكيف نعين أبنائنا على انجاز هذه المهمة الخطيرة، سائلين الله أن ينفعنا وينفع بنا، ويجعلنا هداة مهتدين.
أولا: فضل القرآن وتلاوته وتعلمه والأثار الدالة على ذلك
وردت أثار متعددة في فضل القرآن وتلاوته وتعليمه وتعلمه، ومن أشهرها قول النبي-صلى الله عليه وسلم-: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، وهنا لفتة طيبة تبين أن حفظ القرآن الكريم وإجادته مقياس للتفاضل بين الناس، ومعيار للحكم عليهم بالخيرية.
ومن الأثار التي أكدت على فضل قراءة القرآن ومنزلة قارئه ما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها إذ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران”.
ومن الأحاديث النبوية التي تبين منزلة قارئ القرآن عند الله يوم القيامة وما أعد له من الفضل العظيم والعطاء الواسع، ما جاء عن النبي –صلى الله عليه سلم- إذ يقول: «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ في الدُّنْيَا فإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيةٍ تَقْرَؤُهَا»، وفي هذا ما فيه من الفضل والحافز الذي يعيننا على قراءة القرآن والحرص عليه والحرص على تعليمه لأبنائنا وبناتنا ممن نرجو لهم النجاة في الدنيا والآخرة.
ثانيا: تأثير القرآن على حياة النشء العلمية والعملية
القرآن حصن الله الحصين، وحبله المتين، من يتمسك به فلا يضل أبدا ولا يرد موارد الهلاك، ومن ثم فإن حفظ كتاب الله وتلاوته له فوائد جمة وتأثيرا إيجابيا ملموسا على حياة الأبناء الدراسية والعملية أيضا، وهذا ما نلمسه في حفظة القرآن الكريم من الطلبة في مراحل دراستهم المختلفة، فنجد أنهم أكثر تفوقا من غيرهم وأحسنهم أخلاقا كما يتمتعون بمحبة كل من يعرفهم، ويمكن أن نوضح التأثيرات الإيجابية على مستوى الحياة الدراسية والعملية في النقاط التالية:
تعلم القرآن الكريم والمثابرة على حفظه يغرس في الطالب حب العلم الصبر عليه والاجتهاد في طلبه، فحفظ القرآن بمثابة تدريب عملي قوي على الالتزام والمثابرة وقوة الإرادة.
حفظ القرن يقوي الذاكرة وينمي الذكاء، ويعزز القدرة على التأمل والتدبر وقوة الملاحظة، فضلا عن كونه ينمي القدرات والمهارات اللفظية واللغوية للطالب.
حملة القرآن الكريم دائما يكونون على رأس قائمة المتفوقين والحاصلين على أعلى الدرجات بفضل بركة القرآن الكريم، وما يمنحهم من توفيق وسداد، وبفضل تأثير القرآن على الأداء الدراسي للطالب.
حفظ القرآن الكريم من أعظم أسباب حماية الإنسان من الوقوع في الذنوب، كما يزين خلق المرء ويهذب سلوكه.
القرن الكريم وحفظه وتلاوته من أفضل الطرق التي يمكن أن يستغل الأبناء فيها أوقات فراغهم، والتي تعمر بها أيامهم، ومن ثم تطمئن على ابنك أو ابنتك من تبعات الفراغ وما ينتج عنه من كوارث، كلنا يعرفها.
القرآن رحم بين أهله، فالساعين إلى تعلم القرآن والسالكين طريقه والملتمسين لفضله يجمعهم القرآن برباط قوي، فيكونون صحبة صالحة تعين المرء على أمور دينه ودنياه، وينعكس ذلك على سلوكه وطريقة تفكيره.
ثالثاً: كيف نعين أبناءنا على مهمة حفظ القرآن الكريم؟
يجب أن نهتم بإنشاء مكاتب تحفيظ القرن الكريم، ونعيدها إلى ما كانت عليه في العهود السابقة، ونشجع أولادنا منذ نعومة أظفارهم على تعلم القرآن الكريم، نحفزهم بكل وسائل التحفيز، ونعلي عندهم قيم التنافس في تحصيل الخير وتعلم القرآن وحفظه، فهذا جامع الخير في الدنيا والآخرة.