«سناء» تسأل: فيما يتعلق بإشكالي فهو بكون الجميع يضغطون علي بكوني يجب أن أتزوج لأن الزواج سنة الحياة ولها إيجابيات كثيرة…إلخ، لكنني حقيقة لست مهتمة بالأمر وأريد أن أبقى عازبة طوال حياتي فأنا لست من النوع الاجتماعي ولا أحب المشاركة كما أنه لدي من الأنانية ما يكفي للشخص أن يكره التعامل معي، أضف إلى ذلك قبح شكلي الجسدي وعدم نضوجي فأنا مازلت مستهترة ولا أستطيع القيام بالتزاماتي سواء المنزلية أو الدراسة وحتى الدينية منها، فكيف لي أن أتزوج.. هل حقا عدم الزواج مع وجود شهوة حرام وكيف يمكن لي أن أحسن عيوبي المذكورة سابقا؟
الإجابـة
⇐ يقول محمد جمال عرفة المستشار الاجتماعي: الأخت الكريمة.. لم تذكري كم عمرك الحالي ولكني أستشف من حديثك أنك في بواكير الشباب بسبب طبيعتك كما تقولين التي يبدو فيها شيء من العناد أو الرفض لكل ما يقال لك عن الزواج.
الأخت الفاضلة.. استشعر من حديثك أن رفضك للزواج حاليا هو ما يدفعك للقول أنك لا تريدين الزواج طوال حياتك فربما هناك خبرة سيئة بجوارك أو تجربة لأخريات جعلتك تكرهين فكرة الزواج، ولكن ما لم تفكري فيه هو حالك عندما تكبرين في السن وتجدين نفسك بدون زوج أو أبناء يقفون معك في مواجهة الزمن الصعب.
طبعا لا يوجد شيء اسمه قبح شكلك الجسدي فما ترينه أنت قبيحا أو ليس جميلا بدرجة كافية قد يعتبره غيرك جمالا وكثيرا ما ننتقد شخص لأنه تزوج فتاة أو هي تزوجت رجل يبدو ليس جميلا ونجد شريك عمره يعتبره ملاكا.
وبالنسبة.. الأمر الآخر الذي أشرت له هو الشهوة فهي مسألة طبيعية خلقت مع الإنسان والرجل والمرأة، ومن الصعب أن يقال إنني سوف أتغلب عليها لأنها من طبيعة البشر وقد يمكن تأخيرها لأسباب لا إرادة لنا فيها ولكن لا يمكن أن نلغيها أو نلغي أحد أحاسيس جسدنا، بل قد يكون محاولة البعد عن الزواج مع وجود هذه الرغبة نوعا من الانحراف قد يترتب عليها.
القضية بالتالي تتعلق في تقديري بتمردك ورغبتك في ألا يتحكم أحد فيك وأنت تتوقعين أن يتحكم فيك الزوج ويسئ معاملتك ويقيد حريتك ولكن هذا غير صحيح إلا في حالات أزواج سيئين والعكس هو الصحيح والعلاقة مع زوج محب متفهم تتحول إلي جنة ووقتها قد تستغربين تفكيرك القديم في عدم الزواج.
المهم بالتالي ليس مجرد الزواج ولكن حسن اختيار الزوج والتوافق بينكما خلال فترة الخطبة وحينئذ ستزول كل مخاوفك وأوهام الخوف من الزواج.
⇐ ومن ناحيتها تقول سمر عبده المستشارة الاجتماعية: كلمة السر في رسالتك هي: “كيف لي أن أحسن عيوبي السابقة؟” ممكن جدا يا عزيزتي وأن تغيري الكثير من عيوبك ومشكلاتك – حتى إذا كانت كما ذكرت بدون تهويل ومبالغة منك-.
عزيزتي: أعتقد أنك تحتاجي لمراجعة نفسك وإعادة التفكير في الأسباب الحقيقية التي تجعلك تعرضين عن الزواج.. فقد يكون الأمر في حقيقته ” أنك ترفضي وتعلني الرفض لخوفك الشديد من أن تُرفضي كعروس وزوجة أو لاعتقادك إنه: من سيرضى بي وهذه صفاتي وعيوبي؟” لذا فإنك تعتبرين أن الأسهل والأكثر قبولا للحفاظ على صورتك أمام نفسك وأمام الآخرين هو “أني أرفض الزواج ولا أعتبره مهما”.
وأما عن صفاتك التي ذكرتيها:
- لست اجتماعية ولا أحب المشاركة.
- أنانية جدا.
- قبيحة الشكل -غير ناضجة-.
- مستهترة لا أستطيع القيام بالتزاماتي (الدينية – الدراسية – المنزلية).
فأعتقد إن منبعهم واحد هو “أنك غير متصالحة مع نفسك ولا تحبيها” وربما يكون هذا لأسباب كثيرة بعضها متعلق بالتنشئة في أسرتك والبعض الآخر متعلق بخبرات وتجارب وصلتك لما أنت فيه.
فيا عزيزتي.. لا توجد أنثى قبيحة والجمال صور وفنون ما دمنا نشعر بالجمال داخلنا نستطيع ببعض المهارات والعناية بالذات استعادة جمالك واكتشافه.
وعن الأنانية فهناك قاعدة نفسية تقول “أن الأنانية في الإنسان توازي الألم عنده” فأيا كانت الآلام التي ورثناها من ماضينا ( شعور بالذنب- قلق- النقص..ألخ) هي تقودنا إلى مزالق الأنانية.. وإذا تصالحت مع ذاتك ومع ماضيك ستقل وقد تختفي الأنانية.
وطبيعي جدا لمن لا يحب نفسه أن يعزلها عن المشاركة مع الآخرين لعدم ثقته بها وبالتالي يفتقد المهارات الاجتماعية والأمر يحتاج منك المزيد من الجرأة في الاحتكاك بالناس والتفاعل معهم وهي مغامرة ستكشف لك في نفسك الكثير.
وفي رأيي أن المحور الأساسي لحل مشكلتك قبل التفكير في الزواج هو “التصالح مع الذات” وتعلم مهارات الحياة.
هي أمور يمكنك تعلمها من خلال الدورات التدريبية والقراءات التي تتقدم لتطوير الشخصية والذكاء الوجداني والاجتماعي. وفي نفس الوقت يمكنك التطور من خلال قبولك المغامرة بالخروج للمجتمع أكثر من خلال الأنشطة المتنوعة أو العمل.
أما عن التصالح مع ذاتك ومع الماضي فقد تحتاجي فيه لجلسات مع المستشار في العيادة الاجتماعية والنفسية.
وأتمنى لك حياة سعيدة وموفقة.