لِذلك أنت هُنا، فلِكُلّ من أراد خطب عن الصدق والكذب. وجاء يتلمّس آيات قرآنية وأحاديث نبويّة عن الصدق والصادقين، وكذلك الكذِب والكذّابين.
صفة الصدق
من أجمل الصفات في الإنسان صفة الصدق، أن يكون الإنسان صادِقًا. ومن أقبحها وارذلِها الكذب. ولهذا، فالإيمانُ مرتبطٌ بالصِّدق، والكفر مرتبط بالكذب.
حتّى النِّفاق، فأصل النفاق الكذِب، وأصل الإيمان الوضوح والصدق. ولهذا كانت من صفات المنافقين “إذا حدَّث كذب”.
أمّا من صفات المؤمنين فهي الصِّدق، حتى أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن المؤمن قد يزني، قد يشرب الخمر، قد يفعل بعض المحرمات، لكنه لا يكتب. إلّا الكذب، فإنه رأسُ كلّ خطيئة.
النبي ﷺ يُبشِّر ويُحذّر
حتى أن النبي صلى وسلم أراد أن يبيّن الفرق بين الصدق والكذب، بالبداية والمآل، قال “عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وإِيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا”.
فكُلّ بِرّ بدايته الصدق، صدق مع الله، صدق مع النّفس، صدق مع الناس.
كما أن بداية الصدق نهايتهُ الجنّة، كما أوضَح الحديث.
كما بيّن الحديث أنّ الصدق درجات، فالإنسان قد يُسمّى صادِق، لكن يمُر بمواقف قد يضطر فيها للكذب لكن يقول الصدق، ولا يُعهَد عنهُ كِذبًا حتى يبلغ درجة في الصديق ويُُسمّى “صِدّيق”. فالأنبياء صدِّيقون، حتّى أبو بكر سُمّي صديقًا لصدقه.
ثم يُتابِع المُصطفى ﷺ “واياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور”، فصاحِب المعصية تجِدهُ يكذب، ومن تعوّد على الذنوب تجِدهُ تعوّد على الكذِب، ومن تعوَّد على الكذب فسوف يجرّه للذنوب والفجور والمعاصي.
ويُبيّن الحديث أن هُناك سجلات لاسم كلّ مخلوق عند الله سبحانه وتعالى. بعض الناس يُكتب عند الله: فلان الفلاني صِدّيق. ما أجملهُ من وصف.
هذا مكتوبٌ عند الله -العلي-. لست مكتوبًا عِند فُلان “متفوق أو “طالع بامتياز” أو “رُتبة عُليا”.. هذه دُنيا! لكن عِند الله! هناك المقامات.
لأن يقال يوم القيامة: أين فُلان الصِّدّيق؟ ماذا كان يفعل؟ كان يتحرّى الصدق في الدنيا.
أمّا الآخر “يُكتَب عِند الله كذابا”، اين فلان الكذّاب؟.. أشعرت بقُبح الوصف؟ -أعوذ بالله-.
آيات من القرآن الكريم عن الصدق والصادقين
في كِتاب الله تعالى، نجِد الحديث عن الصدق والصادقين بشكل كبير. وسوف نسرِدُ لكُم أدناه الآيات التي تحدَّثن عن الصدق والصادقين، مع بيان رقم الآية واسم السورة.
- أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴿الآية ٥١ من سورة يوسف﴾
- فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴿الآية ٦ من سورة النور﴾
- قَالَ اللَّهُ هَٰذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ﴿الآية ١١٩ من سورة المائدة﴾
- لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ ﴿الآية ٢٤ من سورة الأحزاب﴾
- لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ﴿الآية ٨ من سورة الأحزاب﴾
- وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿الآية ٩ من سورة النور﴾
- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴿الآية ١١٩ من سورة التوبة﴾
- أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴿الآية ١٧٧ من سورة البقرة﴾
أحاديث شريفة عن الصدق والصادقين من السُّنَّة النبويّة
أمّا السُّنَّة النبويّة فكان النبي القدوَة مٌبشّرًا دومًا للصادقين، مُحِثّاً على الصِّدق، ومُنذِرًا للكاذبين ونهايًا عن الكَذِب. واقرأ هُنا:
- الحديث الأوَّل: قال عبدالله بن مسعود: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقًا. وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا” [متفق عليه].
- الحديث الثاني: وعن عائشة رضي الله عنها قالت: “ما كان خلق أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب، ولقد كان الرجل يحدث عند النبي صلى الله عليه وسلم بالكذبة، فما يزال في نفسه، حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة” [أخرجه الترمذي].
- الحديث الثّالِث: عن عامر بن ربيعة قال: دعتني أمي يومًا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا، فقالت: ها، تعال، أعطيك. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وما أردت أن تعطيه؟” قالت: أعطيه تمرًا، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أما إنك لو لم تعطيه شيئًا كتبت عليك كذبة” [أخرجه أبو داود].
- الحديث الرّابِع: عن أسماء بنت يزيد قالت: أُتَيِ النبيُّ بطعام، فعرض علينا، فقلنا: لا نشتهيه، فقال: “لا تجمعن جوعًا وكذبًا” [أخرجه ابن ماجه].
- الحديث الخامِس: وعن معاوية بن حيدة القشيري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ويل للذي يحدث فيكذب، ليضحك به القوم، ويل له، ويل له” [أخرجه أبو داود].
اللهم اجعلنا من الصادقين واحشرنا مع الصديقين!