الحوار أسلوب حضاري وُجِد قبل بدء الخليقة. وذلك عندما حاور الله ﷻ ملائكته، ليطلعهم أهمية خلق البشر. قال ﷻ في سورة البقرة ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ | وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ | قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ | قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ) .
وقد كان نبينا محمد ﷺ يطبق مبدأ الحوار في تعامله مع جميع القضايا التي واجهته.
تعريف الحوار
هو مراجعة الكلام بين اثنين أو أكثر. فلا يستأثِر به أحدهما دون الآخر. ويجب فيه الهدوء والبعد عن الخصومة والتعصب. فهو تعاون بين المتحاورين للوصول إلى الحق.
قال الله ﷻ في سورة الكهف ﴿قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلا) .
آداب الحوار
ومن آداب الحوار:
- إخلاص النية لله: فالمحاور يجب أن يكون حسن النية سليم القلب. وأن يقصد بعمله الوصول للحقيقة.
- العلم: بحيث يكون المحاور ذا علم بموضوع الحوار ومادته. والعلم بمعرفة الأجوبة. قال ﷻ في سورة الإسراء ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) .
- الصدق: لأنه يؤدي إلى هدوء النفس والثقة المتبادلة بين المتحاورين.
- التدرج: والبدء بالأهم في ترتيب الموضوعات والأفكار.
- الاعتراف بالرأي الآخر واحترامه: فقد جعل الله الناس مختلفين في النشأة والطباع والثقافات. والاختلاف أمر طبيعي، وهو حق لكل إنسان. فيجب أن يكون المُحاور قدوة فيما يدعو إليه. قال ﷻ ﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) .
- حُسن الاستماع: بحيث يشعر الآخرون بأهميتهم وأهمية ما يقولون. ويُعمق الثقة فيهم. فالمتحدث البارع مستمع بارع.
- اختيار الظرف المناسب والملائم لإجراء الحوار بعيدا عن المشتتات.
الخلاصة
تعرفنا على مفهوم الحوار؛ وهو: مراجعة الكلام بين اثنين أو أكثر. فلا يستأثر به أحدهما دون الآخر.
ووضَّحنا آداب الحوار؛ ومنها: الصدق والثقة المتبادلة بين المتحاورين، وحُسن الاستماع، واختيار الظرف المناسب.