يسأل الكثير من المسلمون، هل يجب قراءة سورة الكهف كاملة يوم الجمعة، وهنا نقول انهُ قد جاء في حديث أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ”إن يوم الجمعة وليلة الجمعة أربع وعشرون ساعة ليس فيها ساعة إلا ولله فيها ستمائة ألف عتيق من النار“ وقد زاد بعض الرواة: ”كلهم قد استوجب النار“.
وهذا إن دل فإنما يدل على أن يوم الجمعة من الأيام العظيمة المباركة التي تعاودنا كل أسبوع، بل هو سيد الأيام قاطبة وهو أفضلها عند الله من عيد الفطر وعيد الأضحى، مما يعنى أننا نحن المسلمون يجب أن نحتفي به ونحسن استقباله ونحسن اغتنامه، ونلح في الدعاء أن يجعلنا الله من عتقائه والمنعمين فيه برضوانه ورحمته وبركته، وقبل الدعاء والتمني ينبغي أن نكون على علم ودراية بفقه يوم الجمعة وما يستحب فيه وما يجب وما يكره، ونكون على دراية بكل عمل خير يمكن أن نقدمه بين يدي يوم الجمعة ليكون في ميزان حسناتنا ويغفر عز وجل به ذنوبنا ويتجاوز عن سيئاتنا، ويجعلنا فيه من السعداء والموفقين.
ومن سنن يوم الجمعة أو مستحباته قراءة سورة الكهف وكم لها من فضل عظيم في الجمعة وغيرها، وسنتعرض لتلك الطاعة المباركة بالتوضيح ونتعرف على الأسئلة التي قد تدور في ذهن القارئ حولها ولعل من أبرز هذه الأسئلة (هل يجب قراءة سورة الكهف كاملة يوم الجمعة؟)، و (متى يجب قراءتها؟) و(ما الثواب والفضل الذي يرجى من تلك القراءة؟) فتابعو مقالنا.
الفضائل المترتبة على قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة وفي غيره
إن الالتزام بسنة نبوية مطهرة علمنا إياها الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- ودلنا عليها خير كله، بغض النظر عن ورود نصوص تبين ذلك الخير أو صفته، فاتباع سنته -صلى الله عليه وسلم- دليل على محبته، ومحبة الله عز وجل من قبل، كما أن مجرد المداومة على عمل صالح واتخاذه ورداً اسبوعياً من أفضل وأحب الأعمال إلى الله عز وجل، وقد بين لنا الحبيب المصطفى ذلك في قوله: (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل).
هذا ومن المعلوم أن سورة الكهف من سور القرآن التي تتمتع بأسرار خاصة وفوائد عظيمة سواءً في الجمعة أو غيرها ولعل من تلك الفضائل ما يلي:
- سورة الكهف تقي من فتنة المسيخ الدجال، وقد ورد الكثير من النصوص في هذا المعنى ومنها ما روي عن أبي الدرداء عن النبي -صلى الله عليه وسلم وآله وسلم- أنه قال: “من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف، عصم من فتنة الدجال”.
- تقي البيت الذي تقرأ فيه من أن يلجه شيطان ومما دل على ذلك ما أخرجه مردويه، عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “البيت الذي تقرأ فيه سورة الكهف، لا يدخله شيطان تلك الليلة”.
- تورث سورة الكهف قارئها السكينة والطمأنينة والإيمان، والهداية.
- قراءة سورة الكهف يستعان بها على إدراك فضيلة قيام الليل ومما دل على ذلك ما روي عن زر بن حبيش أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من قرأ آخر سورة الكهف لساعة يريد أن يقوم من الليل، قامها).
- سورة الكهف نور وبركة لقارئها ومما دل على ذلك حديث معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من قرأ أول سورة الكهف وآخرها، كانت له نوراً من قدمه إلى رأسه، ومن قرأها كلها كانت له نوراً ما بين السماء إلى الأرض).
وهذه الفضائل مطلقة لا تقيد بيوم معين، أما ما ورد من فضائل تلك السورة القرآنية الكريمة فهو كثير أيضاً ولعل من أشهر تلك الفضائل والمنافع ما يلي:
- العصمة من الذنوب ثمانية أيام، وهذا المعنى هو ما ورد في بعض الأحاديث ومنه ما أخرجه ابن مردويه، والضياء في الأحاديث المختارة، عن علي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “من قرأ الكهف يوم الجمعة، فهو معصوم إلى ثمانية أيام من كل فتنة تكون، فإن خرج الدجال، عصم منه”، ولم يرد بيان فيما إذا كان المقصود هنا العصمة الفعلية من ارتكاب الذنوب ومواقعتها أو العصمة من الكبائر، أو عموم الفتن غير أن في المعنى دلالة على انها تحفظ صاحبها من الزلل بانشراح الصدر ورؤية الحق من الباطل وهداية الله عز جل له.
- سورة الكهف نور يمد بين الجمعتين فيضيئ عتمة القلوب وتنشرح به الصدور وتطمئن به العقول السليمة، وقد دل على هذا المعنى المشهور بيننا عدة أحاديث بروايات وأسانيد متعددة لعل من أهمها الحديث الشريف الذي نصه “من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بين الجمعتين”. وقد ورد في موضع آخر ورواية أخرى ” أن من قرأ صورة الكهف يوم الجمعة كانت له نور ما بينه وبين البيت العتيق، وفي رواية ما بينه وبين مكة، ولعل النص الأول هو الأكثر شهرة.
- مغفرة الذنوب والإمداد بالنور الواصل من الأرض إلى السماء، ومما جاء في الدلالة على هذا المعنى والإشارة إليه الحديث الذي أخرجه ابن مردويه، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة، سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء، يضيء له يوم القيامة، وغفر له ما بين الجمعتين”.
وحاصل الأحاديث أن قراءة سورة الكهف الفضائل العامة ومن فضائل يوم الجمعة الخاصة، والتي يرجو معها المسلم البركة والمغفرة والهداية والثبات.
هل يجب قراءة سورة الكهف كاملة يوم الجمعة؟
ورد الكثير من الأحاديث النبوية بروايات مختلفة وأسانيد مختلفة أيضاً الحديث عن قراءة سورة الكهف يوم الجمع وأنها فضيلة ومستحبة، ولكن لم يثبت وجوب قراءتها كاملة (بمعنى دفعة واحدة، أو في مجلس واحد)، بل يجوز قراءتها متقطعة متى تيسر ذلك على أن تقع قراءتها داخل حدود ليلة الجمعة ونهارها، ليحصل المسلم الفضل والأجر بإذن الله، وهذا ما جاء على لسان الشيخ خالد المصلح حين سئل في إحدى البرامج التلفزيونية عن حكم قراءة سورة الكهف متقطعة، فأجازه وصرح أن لا غضاضة في ذلك.
أما قراءتها كاملة بمعنى عدم ترك أي جزء منها أو الاكتفاء بعدد من الآيات، فهذا مما ثبت في السنة النوية وقد أجاب بذلك الشيخ صالح الفوزان في إجابة لسؤال طرح عليه على الهواء في أحد البرامج.
وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
من الضروري أن نعرف إذا ما كانت تلاوة سورة الكهف يوم الجمعة مقيدة بوقت بعينه أم أنها تجوز في أي ساعة، من الليل أو النهار، والحقيقة أن العلماء بينوا أن قراءة سورة الكهف تجوز في أي وقت من أوقات يوم الجمعة، ووقت يوم الجمعة يبدأ من غروب يوم الخميس حتى غروب يوم الجمعة نفسه، ولم يرد تفصيلاً في تلك المسألة.
وختاماً، فإننا نرجو الله عزيزي القارئ أن نكون قد وفقنا في الإجابة عن السؤال الذي يطرحه البعض من الناس وهو هل يجب قراءة سورة الكهف كاملة يم الجمعة، وأن نكون قد أفلحنا في توضيح العديد من الجوانب المتعلقة بتلك السنة النبوية المباركة، والله عز وجل الموفق والمستعان.