لطالما كان هذا حدثًا هامًا لكافَّة الأُسَر والعائلات؛ لذا، سنُقدِّم هنا خطبة عن بداية العام الدراسي الجديد. اجعلوها ليوم الجمعة، أو خطبة محفلية لهذه المُناسَبة التي لطالما كانت ولازالت وستظَل -بمشيئة الله- استقبالها من أهم أولويَّاتنا جميعا.
هذه خطبة جمعة عن استقبال عام دراسي جديد؛ من أجل كافَّة الخُطباء في الوطن العربي والإسلامي، بمناسبة هذا الحدَث الجلل، خاصَّة بعد كل ما مرَّ به العالم من أزمة كورونا الأخيرة.
نوصيكُم بها، في هذا التوقيت الحيوي؛ لا عَجَب، فأنتم في ملتقى الخطباء في موقع المزيد، المنبر الذي نستقي منه خُطبنا المباركة بمشيئة الله -تعالى-. نتمنَّى أن نكون صوت الدعاة لكل إمام وخطيب في مسجده.
مقدمة الخطبة
الحمد لله، أحمده -تعالى- وأستهديه وأستغفره، ونتوب إليه من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ الذي كان أول ما نزل عليه من كتاب الله «اقرأ باسم ربك الذي خلق».
الخطبة الأولى
عباد الله؛ يبدأ الطلاب والطالبات الأسبوع القادم بمشيئة الله -عز وجل- عودتهم إلى المدارس بعد انقطاعٍ طويلٍ عن الدراسة؛ سنة دراسية جديدة بانتظارهم.
وفي بداية العام الدراسي الجديد اذكركم بحديث النية حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في الحديث الصحيح، النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إنما الأعمال بالنيات إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته لله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
هذا الحديث العظيم اعتبره بعض العلماء من ثلث العلم، فالذي يعمل بنية في الأمور المعتادة فإن الله -عز وجل- يؤجره على ذلك، وينقلب هذا العمل إلى عبادة. نسوقه لكم لتتذكَّروه وتُذَكِّروه للآخرين في عام دراسي جديد يخوضه أبناء المسلمين في كُلِّ مكان.
بداية العام الدراسي
نحن كطلاب وطالبات ومعلمون ومعلمات وأولياء أمور للطلاب والطالبات علينا أن ننوي من بداية العام الدراسي أن يكون تعليم أبنائنا خالص لله -سبحانه وتعالى- برفع الجهل عن أنفسهم أولا ونفع الأمة ثانيا.
فالطلاب والطالبات عليهم أن ينوونَ في دراستهم مع بداية السنة الدراسية الجديدة أن يكون تعلمهم لوجه الله -عز وجل- حتى ينفعوا أنفسهم أولاً ثم ينفعوا أمتهم ثانياً في هذا العلم الذي يتعلمونه في المدارس.
وعلينا أن نوجه أبنائنا بهذا الأمر حتى نؤجر نحن كذلك.
فنذكر أبنائنا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- “من سلك طريقا يبتغي فيه علما سهل الله له طريقًا إلى الجنة” وكثيراً من الأحاديث في طلب العلم أنه أجر لطلابنا وطالباتنا إذا نوَوا بتعلمهم وجه الله -سبحانه وتعالى- فيقصدون أولاً الآخرة والأجر من الله ثم ما جاء من الدنيا من وظائف وغير ذلك فهو تبعاً لذلك، ولا يكونُ أساسياً.
أما الهدف الأول؛ فهُم يتعلمون لنفع الأمة حتى يأجرون على ذلك.
دور المعلمين والمعلمات في تعليم الطلاب
يقولُ النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح “إنَّ اللَّهَ وملائِكتَهُ وأَهلَ السَّماواتِ والأرضِ حتَّى النَّملةَ في جُحرِها وحتَّى الحوتَ ليصلُّونَ على معلِّمِ النَّاسِ الخيرَ” وهذا بالنسبة للمعلمين والمعلمات الذين يعلمون أبنائنا ويعلمون بناتنا؛ يعلمونهم أمر دينهم أولاً وأمر دنياهم ثانياً فإن الله وملائكته يصلون عليه؛ أي يثنون عليه ويمدحونه في الملا الأعلى، لأنه يعلم الناس الخير.
فعلى المعلمين والمعلمات أن يقصدوا بعملهم وتعلمهم تعليم أبناء المسلمين أمور دينهم؛ كيف يصلون، وكيف يُزكون، وكيف يصومون وكيف يحجون، وما هي المحرمات عليهم وغير ذلك من أمور الدين حتى يكونوا من أفضل الناس.
ومهمة التعليم هي مهمة الرسل -عليهم الصلاة والسلام- “إنما بعثت معلما“. فالأنبياء هم معلمون وكذلك المعلمون من أفضل الناس الذين ينفعون الناس في أمر دينهم أولاً ثم في أمر دنياهم ثانياً.
فمن كان تخصصه غير ديني؛ كالرياضيات والفيزياء والكيمياء والإنجليزي وغيرها من التخصصات الدنيوية غير الدينية فإن نفع الأمة مطلوب حتى ترتقي الأمة وتكون في مصاف الدول المتقدمة.
لذلك ينبغي أن تكون نياتنا ليس لأجل الدنيا، وإنما لأجل الآخرة حتى نؤجر على هذه النية من أول العام الدراسي الجديد، وحتى يكون التعليم عبادة من العبادات.
دور أولياء الأمور في تعليم أبنائهم
أما بالنسبة لأولياء الأمور فكذلك الحال يقصدون توجيه أبنائهم وبناتهم لتعلم هذه العلوم لوجه الله -عز وجل- ليس لأجل وظيفة أو غير ذلك مما يهدف كثيراً من الآباء.
يقول الأب لأبنه: أدرس يا بني حتى تتوظف، أو غير ذلك.
صحيح أن هذا مطلوب، لكن لا يكون هدفاً أولياً وإنما الهدف الأول هو التعلم لرفع الجهل عن أنفسهم، ورفع هذه الأمة؛ أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- حتى تكون أمة متعلمة، أمة الراقية، وحتى تكون في مصاف الدول المتقدمة وليس لأجل الدنيا.
فعلى الآباء والأمهات أن يقصدون بذلك تعليم أبنائهم لوجه الله -عز وجل- حتى يؤجر الآباء والأمهات عندما يتابعون أبنائهم صباحاً ومساءً. عندما يوقظوهم لأجل المدارس، عندما يتابعونهم في المدارس، عندما يعودون في استقبالهم؛ فإنهم مأجورين بهذه النية أن تكون لوجه الله -عز وجل- أولاً قبل الدنيا حتى يؤجروا في ذلك، وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته نسأل الله -عز وجل- أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يغفر ذنوبنا، وأن تكون نياتنا لله -سبحانه وتعالى- قبل كل شيء إنه ولي ذلك والقادر عليه أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيرا.
كما أنه ينبغي على طلابنا وطالباتنا الجد والاجتهاد من أول العام الدراسي، وأن يكون هدفهم التحصيل في أعلى الدرجات؛ فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل الخير، وعليهم أن يركزوا خاصة على الأمور الدينية التي تنفعهم في آخرتهم؛ في صلاتهم وفي جميع عباداتهم أولاً حتى يتعلم الدين؛ فإن أمور الدين مقدمة على أمور الدنيا، والعلم الذي أمر الله -عز وجل- به في كتابه الكريم وفي سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- هو العلم الشرعي قبل العلوم الأخرى.
العلم الشرعي
يقول الله -عز وجل- “هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون” المقصود بذلك العلم الشرعي؛ لأن العالم وطالب العلم الذي يعرف دينه ويعبد الله -عز وجل- على بصيرة خير من الجاهل الذي لا يعرف أمور دينه ويُخطِئ في كثير من أمور الدين؛ لأنه جاهل. هل يستوي الذين يعلمون أمور دينهم والذين لا يعلمون أمور دينهم. فالدين والعلم الشرعي مُقدم على بقية العلوم.
صحيح أن العلوم الأخرى مهمة لرفع الأمة؛ لكن لا نستغني عن الدين في كل أمور الدنيا، فقد نستغني عن الأمور الحياتية في كل التخصصات لكن الدين لا نستغني عنه فالعلم الشرعي مُقدم ومهيمن على كل العلوم الأخرى.
نسأل الله -عز وجل- أن يفقهنا في الدين، وكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- “من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين“.
نسأل الله -عز وجل- أن يوفقنا إلى كل خير وأن يجنبنا كل شر.
ألا وصلوا وسلموا على سيدنا ونبينا محمد كما أمركم الله -عز وجل- بذلك؛ فقال -سبحانه وتعالى- “إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما”.
الدعاء
- اللهم حَبِّب العِلم والتعليم لأبنائنا؛ اللهم افتح عليهم فتوح العارفين وارزقهم العلم النافع.
- اللهم يسِّر لطلاب المسلمين كل عسير، واجعلهم من الناجحين الفالحين يا رب العالمين.
- يا ربِّ نسألك جوامع كل خير لكل طالب يستهل عامه الدراسي الجديد، فاللهم بارك لهم في أوقاتهم، واشرح صدورهم لكل فَهْمٍ يسير.
وصَلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آلِه؛ وأقِم الصلاة.
تفاصيل الخطبة
- العنوان: خطبة عن بداية العام الدراسي الجديد.
- ألقاها: الشيخ عبدالله الاسمري.
- فحواها: تسليط الضوء على فضل طلب العلم، المعرفة، الاطلاع والتعلّم. وذلك، تزامُنًا مع بداية العام الدراسي الجديد.
- الوصف: خطبة مكتوبة، مشكولة -بالقدر المطلوب- ومُعزَّزة بالآيات من القرآن الكريم، وأحاديث من السُنَّة النبوية. تشتمِل على الكثير من العِبَر والعِظات والدروس القَيّمة.
ماشاءالله تبارك الله