أهمية الأمثال الشعبية في الحياة المعاصرة

صورة , كاريكاتير , الأمثال الشعبية
الأمثال الشعبية

ما هي أهمية دراسة الأمثال والحكم الشعبية؟ وما الرابط بينها وبين حياتنا المعاصرة؟

قالت الباحثة الإجتماعية “وديعة الأميوني” تكمن أهمية دراسة الأمثال والحكم الشعبية في أنها تطال إشكالية موجودة في المجتمعات الحديثة من حيث مدى ارتباط الثقافة الشعبية بظواهر المجتمع المعاصر ومن بينها الظواهر التكنولوجية المتمثلة في مواقع التواصل الإجتماعي الأكثر انتشاراً، فضلاً عن أن الحكم والأمثال الشعبية من أهم عناصر الثقافة الشعبية لكل مجتمع على حدة.

ومن هنا لا تنفك دراسة ظاهرة إجتماعية حديثة كانتشار وتغلغل مواقع التواصل الإجتماعي عن ضرورة دراسة الثقافة الشعبية للمجتمع محل الدراسة، وعلاقة كلاً من الثقافات الموروثة بالظواهر الدخيلة، ومدى تأثير كلٌ منهما على الآخر.

وأضافت “أ. الأميوني” الجدير بالذكر أن الدراسة تؤكد مدى تأثير مواقع التواصل الإجتماعي على موروثاتنا ومعتقداتنا الثقافية القديمة بشكل عام، وعليه كان تأثيرها على الأمثال والحكم الشعبية الموروثة واضح وقوي لحدود وصلت إلى تغيير تلك الحكم والأمثال سواءً في المبنى الحرفي للتعبيرات أو في المغزى المقصود منها.

ما الجديد الذي تقدمه الدراسة التي قمتم بها خلافاً لسابقاتها من الدراسات؟

تتميز الدراسة التي قمت بها (الأمثال والحكم بين الافتراض والواقع) بأنها دراسة ميدانية تعتمد بشكل أكبر على الإحصائيات، وبالتالي هي ليست إنعكاس لرأي شخصي أو ذاتي، بل تتحلى بالموضوعية المُستقاة من الأرقام المؤكدة بمدلولاتها، فبالتالي هي لا تعبر عن رأي شخصي في علاقة الأمثال والحكم بالواقع اللبناني المعاصر، كما أنه بإعتمادها على الأرقام المجردة توضح بشكل كافي حجم العلاقة والتأثير بين الموروث التقليدي وبين ما هو حديث.

وأوضح الأمثلة على ذلك تراجع استخدام الحكم والأمثال في الوقت الحاضر لتغير مفردات ومضامين المصطلحات اللغوية العربية، بل ولظهور استخدام جديد للغة العربية يمكن وصفه بلغة جديدة تماماً تحت مُسمى لغة الإنترنت أو “العربيزي” المختلطة بين العربية والإنجليزية، حيث أثرت مواقع التواصل الإجتماعي في بدء استعمال لغة جديدة ذات مضامين عربية ولكنها بأحرف لاتينية وأرقام تعطي مدلول لأحرف صوتية عربية وصور ورموز تعطي مدلول شعوري، أي أن التخاطب إلكترونياً (الدردشة) بين الناس أصبح يتم بلغة جديدة وغريبة عن واقعنا العربي، وهو ما تراجع معه دور الحكم والأمثال الشعبية الموروثة في التأثير والاستخدام.

لماذا القلق من اندثار أو تشويه الأمثال والحكم الشعبية؟

أكدت “أ. وديعة” على أن الإنسان لا يمكنه الإنفصال عن ماضيه وخصوصاً الثقافي، ورغم أن الإنسان لا يمكنه العيش في الماضي ولا يمكنه جلب الماضي بحذافيره إلى الحاضر إلا أنه يجب إدراك والتعرف على الثقافة الشعبية وأصولها، بل ويجب الحفاظ عليها ونقلها بالتواتر إلى الأجيال القادمة، وذلك لأنها تحمل في مضمونها القيم والمعايير السلوكية لكل مجتمع على حدة.

ألا تحتاج بعض الحكم والأمثال الشعبية إلى تصحيح وتغيير؟

تناقل وتوارث الحكم والأمثال الشعبية عبر أجيال عديدة دليل على أنها نتاج معارف واقعية وخبرات وتجارب حقيقية أثبتت صحة المثل الشعبي وصحة مغزاه ودلالاته في عصور مختلفة، أي أنه أصبح خلاصة تجربة حياتية لكثير من البشر في أزمان مختلفة.

وبمعنى آخر أنه أصبح صحيح بوجه مُطلق لا لَبْس فيه، ويعزز من ذلك المفهوم أن الأمثال الشعبية عادةً ما تُصاغ لتأكيد حقيقة إجتماعية على موقف ما أو شخص ما، كما أن الأمثال الشعبية التي صمدت في وجه تتابع الأجيال هي أكثر الأمثال التي خضعت للعديد من الضوابط ومعايير التقييم الثقافية والإجتماعية والدينية في عصور مختلفة، لأن الأمثال التي لم تُفرَز وفق هذه الضوابط سقطت من ذاكرة الأجيال وأصبحت في طيّ النسيان لإصطدامها مع ضوابط المجتمع في عصر ما.

وهنا تقرأ قصة المثل عادت حليمة لعادتها القديمة

هل تعرضت الأمثال والحكم الشعبية لعمليات تحريف؟

تصنيف المقولة على أنها مثل أو حكمة شعبية دليل على تواترها بين الأجيال كما هي دون تحريف، ورغم أن الأمثال والحكم الشعبية ليست ملكاً لشخص بعينه، إلا أن تناقلها بين أهل العصر وما تبعه من العصور كفيل بالحفاظ عليها كما هي، حيث أصبحت جزءاً من الذاكرة الجماعية للمجتمع ككل.

متى يحتاج المثل الشعبي إلى تطوير؟

أشارت “أ. وديعة” إلى أن المثل الشعبي الموروث هو ابن للمجتمع، لذلك لا تنفعه عمليات التطوير، لكن ما يحدث أن المثل الشعبي الذي أصبح غير مناسب لطبيعة المجتمع في عصر من العصور يندثر ويتلاشى استخدامه لكونه أصبح لا يتناسب مع الطبيعة العصرية، فحتى تطويره لن يفيد، بل إن كان تطوير الأمثال الشعبية متاح فمن الأولى إطلاق أمثال جديدة.

وهذا من أحد أسباب خلو عصرنا الحديث من إطلاق أمثال وحكم جديدة، لأن عامل اللغة وعوامل العولمة أصبحت عائق في وجه الجديد من الأمثال الشعبية، هذا إلى جانب التغير الكبير في معالم العادات والأعراف المجتمعية، فأصبح المثل القديم لا ينطبق على كثير من السلوكيات المتبعة، وأصبح لا ينفع تطويره، وأصبح من غير الوارد إيجاد أمثال جديدة نظراً للعوائق.

ما مدى اشتراك المجتمعات العربية في الحكم والأمثال الشعبية؟

تشترك المجتمعات العربية فيما بينها في مضمون ومغزى الأمثال الشعبية، لكنها ولا شك تختلف في منطوق المثل، ويرجع ذلك إلى أن اللغة في المجتمعات العربية تنقسم إلى قسمين هما اللغة الفصحى المشتركة بين الجميع واللغة الدارجة التي تختلف من مجتمع لآخر، لذلك إن كان المثل الشعبي يحمل الصبغة الفصحى فإنه قد يتواجد في كل المجتمعات العربية كما هو، أما – وهذا الأغلب الأعم – إن كان منطوقه عاميّ فإن مضمونه ومعناه ومغزاه متوافر في المجتمعات العربية ولكن بصياغات مختلفة، ويأتي هذا التشارك في المضمون من كون الثقافة العربية لها أسس موحدة تتشاركها كل البلدان العربية، وهي نفس الأسس التي تميزها عن الثقافات الغربية والأجنبية.

اختتمت “أ. وديعة من الممكن لنا تصنيف الأمثال الشعبية بحسب الأسلوب أو المضمون، فمن حيث الأسلوب تظهر لنا الأمثال الثنائية المكونة من كلمتين مثل “الأقارب عقارب”، وهكذا مع الأمثال الثلاثية والرباعية و.. و.. إلخ، وكذلك من حيث المضمون وموضوع المثل أو الحكمة الشعبية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top