فضل سورة الإخلاص «قل هو الله أحد» الذي ورد في أحاديث صحيحة عن النبي ﷺ

إنها من أحَبّ السور في القرآن الكريم إلى القلب. قبل أن أُحدِّثك عن فضل سورة الإخلاص وأجر وثواب قارئها؛ أسألك: ما هي أول سورة حفظتها وقرأتها في صِغرك؟ أعتقد أنها إحدى هاتين: الفاتحة أو الإخلاص.. وقد تقول لي: قل هو الله أحد. نعم، فما أسهلها وأيسرها من سورة؛ لكِن هل فعلا تعلم أن هناك ثواب وفضائل عظيمة لمن يقرأ هذه السورة الصغيرة؟ حسنًا دعنا نُكمِل مقالنا.

وأُذَكِّرك أننا أمعنّا الحديث في فضائِل بعض سور القرآن الكريم؛ فذكرنا من قبل: فضل سورة البقرة؛ وما ورد في فضل سورة يس. فإذا أردت مزيد فائِدة فنحن نحاول أن نُعطيك ما تُريد.

سورة التوحيد

ورد في روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني لأبي الثناء الألوسي؛ أنَّ سورة الإخلاص هي التي يطلق عليها: سورة التوحيد. وهذا لأنها تمحضت للحديث عن توحيد الله -تبارك وتعالى-.

كان هذا بداية الأمر؛ فماذا عمَّا ورد فيها من فوائد وفضائِل ومآثر ومحاسن ومناقب؟

فضل سورة الإخلاص

الأصل أن ما يُرغِّب المسلم في قراءة القرآن وتلاوته علمه بأنه من كلام الله -سبحانه وتعالى-. لكِن نبينا المصطفى -صلى الله عليه وسلم- أخبر عن فضائِل خاصَّة لبعض السور. والآن سوف نسوق إليك ما ورد في فضل سورة الإخلاص أو سورة قل هو الله أحد [لمن يعلمها بهذا]؛ آملين أن تنتفعوا بكل ما نذكره لكم وأن يكون في ميزان حسناتنا وحسناتكم.

سورة الإخلاص سببًا في حب الله للعبد

أن من فضل قراءة سورة الإخلاص ما ورد في حديث صحيح جاء في صحيح البخاري عن السيدة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- إذ قالت أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بقل هو الله أحد، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي ﷺ. فقال «سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟» فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها. فقال النبي ﷺ «أخبروه أن الله يحبه».

تخيل أن سورة صغيرة وخفيفة كانت سببًا أن يُبشر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا الرجل بأن الله -سبحانه- يحبه؛ وما أكرمه من فضل ونعمة. وها هو الحديث القدسي الذي يُخبر فيه رب العزَّة -سبحانه- عظيم الجزاء لمن أحبه، فيقول -تبارك وتعالى- ﴿فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني أعطيته، ولئن استعاذني لأعيذنه﴾.

حبك إياها أدخلك الجنة

وها هو الحديث الثاني الذي يرويه لنا الصحابي الجليل أنس بن مالك -رضي الله عنه-. وهو حديث صحيح أيضًا، ورد في صحيح البخاري؛ يقول فيه الرَّاوي: كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح: بقل هو الله أحد حتى يفرغ منها، ثم يقرأ سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة. فكلمه أصحابه، فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة، ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى، فإما تقرأ بها وإما أن تدعها، وتقرأ بأخرى. فقال: ما أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت، وإن كرهتم تركتكم. وكانوا يرون أنه من أفضلهم، وكرهوا أن يؤمهم غيره.

فلما أتاهم النبي ﷺ أخبروه الخبر. فقال: «يا فلان، ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك، وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟» فقال: إني أحبها، فقال: «حبك إياها أدخلك الجنة».

أتُدرِك الآن فضل سورة الإخلاص ومدى عِظَم أجرها ومكانتها عند الله -تبارك وتعالى-؟ لقد بُشِّرَ هذا الرجل بالجنَّة لأنه يحب هذه السورة العظيمة. وما هدف المسلم في كل حياته إلا أن ينال رضى ربه -سبحانه- وجنَّته!

سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن

هي حسنات وأجورٌ لابد أن نسعى لها. وهذا ثواب عظيم من قراءة سورة قل هو الله أحد؛ يسوقه لنا النبي ﷺ في الحديث الصحيح الوارِد في صحيح مسلم ومن رواية أبو الدرداء -رضي الله عنه-، يقول فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟» قالوا: وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال: «{قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن».

أي أنك إذا قرأتها ثلاث مرات فستنال ثواب قراءة القرآن كله. فهذه مِنحَة من الله -عز وجل- لأهل القرآن، ولا يُفهَم بذلك أن يقرأها المسلم ويترك باقي سور القرآن الكريم؛ فهي تعدِل ثلث القرآن في الثواب وليس في الإجزاء.

وهذا الحديث يُرادِف حديث آخر في صحيح الجامع، من رواية أبي بن كعب وأبو قتادة -رضي الله عنهما- أن الرسول ﷺ قال «من قرأ قل هو الله أحد فكأنما قرأ ثلث القرآن».

بيتًا في الجنة ثوابًا لقارِئها

ومِمَّا وَرَدَ أيضًا في فضل سورة الإخلاص ما رواه الصحابي معاذ بن أنس -رضي الله عنه- في حديث ورد في صحيح الجامع؛ يقول فيه المصطفى -صلى الله عليه أفضل صلاة وأزكاها- «من قرأ قل هو الله أحد عشر مرات بنى الله له بيتا في الجنة».

ولعلك تعلَم أن بيوت الجنة وقصورها ليس -مطلقًا- كتلك التي ترونها على الأرض مهما كانت فارهة ومشيَّدة من قِبل أشهر المهندسين المعماريين على وجه الكوكب. وها هو نبينا المصطفى -صلى الله عليه وسلم- يصِف لنا بناء الجنة فيقول «لبنة من فضة ولبنة من ذهب، وملاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وتربتها الزعفران». ألا ترغب أن يكون لك بيتًا في الجنة بُنيَ من هذه المكوّنات؟

لدينا المزيد من المعلومات أيضًا

عدد حروف سورة الإخلاص

إليك أيضًا بعضًا من التفاصيل والمعلومات عن سورة الإخلاص:

• عدد الآيات: ٤ آيات.
• عدد الكلمات: ١٥ كلمة.
• عدد الحروف: ٤٧ حرف.
• النزول: سورة مكية.

معنى الصمد في سورة الإخلاص

هو الصمد -جل وعلا- لأن الجميع مفتقِرٌ إليه، لأنه -سبحانه- كاملٌ بتمام الصفات العلا. وهو الذي تصمد إليه الخلائِق عند حاجاتها.

فكُن منكسرًا بين يديه، ذليلا وأنت تطرق بابه. فإن من أطال الوقوف أمام باب الجليل الصمد -سبحانه- فتح له. ولذلك؛ إياك أن ينحرف التوحيد في قلبك فتنكسر عند باب مخلوق. فإنه الصمد لأنه الذي استغنى عن خلقه، وكَمُل -جل وعلا- وافتقرت إليه مخلوقاته.

فسبحان الواحد الأحد الفرد الصَّمد.

سبب نزول سورة الإخلاص

وبعد أن تعرَّفنا على ما ورد في فضل سورة الإخلاص مما صَحَّ من أحاديث النبي ﷺ. الآن لنتعرَّف على سبب نزول هذه السورة المباركة.

فق بعث الله -تعالى- أنبيائه جميعًا بالتوحيد، وأن يعبد الناس ربهم -سبحانه وتعالى- ولا يشركون به شيئا. وبعث الله -تعالى- نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وكانت الأرض كلها تبيد وتميد بأنواع من الشرك؛ فكان النصارى يقولون الله ثالث ثلاثة. واليهود يقولون عزير ابن الله. والمجوس يعبدون النار مع الله. وكان المشركون من قريش ومن حولهم يعبدون الأوثان المتنوعة، ويقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى.

فبعث الله -تعالى- نبينا -صلى الله عليه وسلم- بالتوحيد وأن يُعَلِّم الناس التوحيد وعبادة ربهم وحده لا شريك له.

فأقبل المشركون يومًا إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ وقالوا: يا محمد أُنسُب لنا ربك.

فأنزل الله -جل وعلا- سورة هي من أعظم السور في كتابه، أنزل الله -تعالى- سورة سارة النبي -صلى الله عليه وسلم- يكرروها في كثير من صلواته؛ وهي سورة الإخلاص.

بسم الله الرحمن الرحيم (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ | اللَّهُ الصَّمَدُ | لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ | وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ)

أحاديث ضعيفة وموضوعة في فضائل «قل هو الله أحد»

وللأسف ومع كل هذا القدر من الأحاديث الصحيح التي بيَّنت لنا ما جاء في فضل سورة الإخلاص. إلا أن البعض -للأسف- يذهب إلى كلماتٍ واهية، وعبارات رنَّانة لكنها غير صحيحة في فضل سورة الإلاص؛ ومن هذه الأحاديث الضعيفة؛ ودرجتها، ما يلي:

اللفظ	درجته
من قرأ بعد صلاة الجمعة {قل هو الله أحد…} [سورة الإخلاص]، و{قل أعوذ برب الفلق…} [سورة الفلق]، و{قل أعوذ برب الناس…} [سورة الناس] سبع مرات، أعاذه الله عز وجل بها من السوء إلى الجمعة الأخرى.	سنده ضعيف
من صلى ركعتين ليلة الخميس، بين المغرب والعشاء، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وآية الكرسي، و{قل هو الله أحد…} [سورة الإخلاص] خمس مرات، و{قل يا أيها الكافرون…} [سورة الكافرون] خمس مرات، والمعوذتين خمس مرات، فإذا تشهد استغفر وجعل ثواب ذلك لوالديه، فقد أدى حق والديه، وإن لم يبرهما.	موضوع
من صلى ركعتين يقرأ في كل ركعة بأم الكتاب وست مرات {قل هو الله أحد…} [سورة الإخلاص] يحسن ركوعها وسجودها، بنى الله له قصرا من لؤلؤة بيضاء على عمود من ياقوت أحمر، فيه أربعة عشر ألف غرفة، ومن قرأها مرة واحدة بنى الله له قصرا في الجنة.	إسناده ضعيف
من قرأ: قل هو الله أحد ـ مائتي مرة غفر الله له ذنوب مائتي سنة	ضعيف
من قرأ قل هو الله أحد في مرضه الذي يموت فيه لم يفتن في قبره، وأمن من ضغطة القبر وحملته الملائكة يوم القيامة بأكفها حتى تجيزه من الصراط إلى الجنة	موضوع
ما جاء في فضل سورة الإخلاص 1000 مرة لم يمت حتى يرى مكانه من الجنة أو يرى له	موضوع
ما جاء في فضل سورة الإخلاص عشر مرات بنى الله له قصرا في الجنة	ضعيف
من صلى الصبح ثم قرأ ﴿ قل هو الله أحد ﴾ مائة مرة قبل أن يتكلم ، فكلما قرأ ﴿ قل هو الله أحد ﴾ غفر له ذنب سنة	موضوع

إلى هنا نكون قد قدَّمنا لكم الصحيح فيما ورد في فضل سورة الإخلاص؛ وكذلك ما جاء من أحاديث ضعيفة وموضوعة في شأنها. نرجوا أن تنتفعوا بكُل ما قُدِّمَ أعلاه.