كيف نضع هوية لأنفسنا؟
تقول المدربة والمفكرة الحيوية “منار الدينا”: أن الهوية هي رؤية الشخص لنفسه؛ حيث يجب أن يسأل كل شخص نفسه عدة أسئلة حتى تكون هويته واضحة، فيجب أن يسأل نفسه من انا؟، كيف أحب أن أرى نفسى؟، كيف أحب أن يراني الأشخاص المحيطين بي؟، ما دوري في هذه الحياة؟ أو ما الذي استطيع تقديمه لهذا المجتمع الذي انتمي اليه؟، ما الذي أريد فعليا تحقيقه يوما ما؟
وحتى نجيب على هذه الأسئلة يجب أن نؤمن بذاتنا، وندرك أننا نستطيع القيام بأي شيء مهما كان، ولا نصغى لانتقادات الآخرين التي غالبا ما تكون لاذعة، ولا تهدف سوى لتحطيمنا، فالأشخاص المحيطين بنا ليسوا دائما داعمين لنا، لكنهم كثيرا ما يكونون مصدر للإحباط إذا أصغينا إليهم، وإذا صدقنا احاديثهم عنا، ومن هنا يجب أن ندرك أننا المسؤولون عن تعزيز ثقتنا بأنفسنا، وتقدرينا لذاتنا، ولا يجب أبدا أن ننتظر الآخرين حتى نتفهم حقيقة أننا نستطيع.
وتعتبر تلك الأسئلة مهمة حتى نتوصل إلى هويتنا، ومن الجدير بالذكر أنه في الكثير من الأحيان نسأل عن هوية الشركات التي نتقدم إليها، وعن القسم الخاصة بها، وأهدافها، لكننا لا نطبق ذلك على حياتنا الشخصية؛ حيث يجب أن ندرك أننا أشخاص أحياء على هذا الكوكب ويجب أن تكون لنا بصمتنا في هذه الحياة، فكثيرا ما نجد بيوت ليس لها قيم ولا هوية حقيقية تؤمن بها وتعيش لأجلها.
ومن الجدير بالذكر أن الإنسان بطبيعته البشرية يشعر بالأمان أكثر عندما يتصرف ويعيش مثله مثل الآخرين، بل ويزداد شعورنا بالأمان كلما كانت طريقة تفكيرنا متماشية مع طريقة تفكير باقي أفراد المجتمع، وإذ امعنا النظر قليلا سنلاحظ أنه بالفعل أصبح المجتمع عبارة عن أنماط وأشكال متكررة، وقد يكون السبب في ذلك هو رغبتنا في أن نكون مقبولين من المجتمع، أو بسبب الشعور بالرهبة من أن نكون مميزين، أو مختلفين بشكل أو بآخر.
وانطلاقا من هذه النقطة تشير “الدينا” إلى أنه يجب أن ندرك أننا بالفعل مجتمع يطلق الكثير من الأحكام؛ لذلك فإن تصرفاتنا كثيرا ما نجدها اليوم تحت الأنظار خاصة في عالم السوشيال ميديا، لكن بالرغم من ذاك يجب أن نحدد هويتنا وأن ننظر بشكل واعي على أنفسنا، ونحدد إلى أي مدى نحن على وعي بما نريد، حتى وإن كان ما نريد تحقيقه هو أمر نادر، ولا يطمح إليه أحد، وكما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه “لا تستهين سلك طريق الحق لقلة سالكيه”.
وبشكل عام يمكن أن نحدد الذي نريد تحقيقه من خلال النظر لمدى بعيد أولا بمعنى أن نحدد ما الذي نريد أن نكون قد حققناه بعد خمس سنوات، ومن ثم نحدد الذي نريد أن نصل إليه من هذه الخطة بعد مرور سنة واحدة فقط من الآن، وما الذي نريد أن نحققه من هذا الهدف البعيد بعد شهر واحد من الآن، ومن ثم الأسبوع القادم، حتى نصل لما يجب أن نقوم به اليوم ليكون خطوة في طريق تحقيق هذا الهدف، وهذا من شأنه أن يوصلنا لهويتنا بشكل أو بآخر، ولا يمكن أن نتغاضى عن كون هذا الأمر يحتاج إلى عزيمة وإصرار وأن نصدق أنفسنا أولا وأخرا.